تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - قسم لم يتكلم فيه أحد من أئمة الحديث المتقدمين وكبار النقاد فهذا القسم لا يقبل الكلام عليه من المعاصرين، ولو تأمل الأخ السائل عبارة الذهبي وهي قوله: «لولا هيبة الجامع الصحيح ... » فالذهبي على جلالته وبراعته في هذا الفن يقول مثل هذا، لمَّا لم يتبين له وجه إخراج البخاري لهذا الحديث لم يضعفه كما يفعل بعض المعاصرين، ومع ذلك أرى أن من يتكلم في الصحيحين من الأخوة الذين يريدون الحق ولكن عندهم نقص في دقائق الحديث أن يتلطف معهم ويرفق بهم ويعلمون ما تقدم ذكره، وتسهل لهم العبارة وتوضح لهم شروط صاحبي الصحيح وشيء من دقيق مسالكهما .. وهذا هو المطلوب، والهداية والتوفيق من الله.

إذا تبين ما تقدم سهل الإجابة عن هذا السؤال بعينه وهو تفرد البخاري بهذا الحديث وما نقله الأخ السائل-بارك الله فيه- من كلام حول هذا الحديث: وهنا لنا نظران:

-النظر الأوَّل:

تحقيق القول في حال خالد بن مخلد القطواني وهل هو ثقة أم لا أم فيه تفصيل؟ وكيفية رواية البخاري عنه؟ وكم روى له، ومن هم شيوخه وتلاميذه الذين اعتمدهم في الرواية عنه؟ وهل هو من شيوخه الذين ميز أحاديثهم أم لا؟ وما هو السر في أنّ البخاري يروي عنه مباشرة وأحيانا يروي عنه بواسطة؟! فيلاحظ عناية البخاري بالرواية عنه، فمثل هذه الأسئلة الافتراضية تخدم الكلام على هذا الحديث وتؤدي إلى إجابات علمية موضوعية.

وتحقيق القول في خالد بن مخلد أنه من كبار شيوخ البخاري الذين ميز حديثهم من خلال كتبهم أو من خلال موافقتهم للثقات أو من خلال استقامت المتون التي يرويها، وأنه –بالجملة-صدوق، ولكنه في روايته عن سليمان بن بلال متقن، رمي بالتشيع وله بعض المنكرات خاصة عن الإمام مالك، ولكن لم يذكر أحد من المتقدمين هذا الحديث من منكراته، يراجع الكامل لابن عدي (3/ 34).

قال الذهبي: «خالد بن مخلد القطواني من شيوخ البخاري صدوق إن شاء الله».

وهاهنا أمر في غاية الأهمية في هذه المسألة وهو أنه يلاحظ أن البخاري أكثر من الرواية عن خالد بن مخلد القطواني عن شيخه سليمان بن بلال دون غيره، وهو شيخه في هذا الحديث المنتقد، مما يدل على عناية خالد بن مخلد بمرويات شيخه سليمان، وتأمل هذه النصوص النفيسة التي لم يتفطن لها بعض المعاصرين ممن تكلم على الحديث، قال ابن رجب: «ومنهم-أي من الضرب الثاني من حدث عن أهل مصر أو إقليم فحفظ حديثهم وحدث عن غيرهم فلم يحفظ - خالد بن مخلد القطواني، ذكر الغلابي في تاريخه قال: القطواني يؤخذ عنه مشيخة المدينة وابن بلال فقط، يريد سليمان بن بلال، ومعنى هذا أنه لا يؤخذ عنه إلا حديثه عن أهل المدينة وسليمان بن بلال منهم لكنه أفرده بالذكر» شرح علل الترمذي (2/ 776).

وقال ابن عبد الهادي في الصارم المنكي في الرد على السبكي (1/ 256): «فإن صاحبي الصحيح لم يحتجا به إلا في شيخ معين لا في غيره؛ فلا يكون على شرطهما، وهذا كما يخرج البخاري ومسلم حديث خالد بن مخلد القطواني عن سليمان بن بلال وعلي بن مسهر وغيرهما، ولا يخرجان حديثه عن عبد الله بن المثنى، وإن كان البخاري قد روى لعبد الله بن المثنى من غير رواية خالد عنه».

وهذه الجملة التي ذكرتها تحتاج إلى صفحات لبيانها ونقل أقوال العلماء فيها، ولكن أكتفي بنصوص يسيرة تدل على ما ورائها:

-قال ابن حجر: «خالد بن مخلد القطواني الكوفي أبو الهيثم، من كبار شيوخ البخاري، روى عنه، وروى عن واحد عنه!.

قال العجلي: ثقة فيه تشيع، وقال ابن سعد: كان متشيعا مفرطا، وقال صالح جزرة: ثقة إلا أنه كان متهما بالغلو في التشيع، وقال أحمد بن حنبل: له مناكير، وقال أبو داود: صدوق إلا أنه يتشيع، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به.

قلتُ: أما التشيع فقد قدمنا أنه إذا كان ثبت الأخذ والأداء لا يضره؛ لا سيما ولم يكن داعية إلى رأيه، وأما المناكير فقد تتبعها أبو أحمد بن عدي من حديثه وأوردها في كاملة وليس فيها شيء مما أخرجه له البخاري، بل لم أر له عنده من أفراده سوى حديث واحد، وهو حديث أبي هريرة (من عادى لي وليا) الحديث» مقدمة الفتح (ص400)، والذي يقوى عندي أن رواية المبتدع مقبولة مطلقا حتى لو كان داعية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير