فمنها: كتاب "مشتبه أسامي المحدثين " للهروي، ومنها: "المتفق والمفترق" للخطيب البغدادي، ومنها: "موضح أوهام الجمع والتفريق" للخطيب كذلك، وغيرها مؤلفات عديدة في هذا الشأن، وكذلك مؤلفات أخرى تتناول تمييز الرواة بأشكال مختلفة كبيان الرواة المبهمين سواء في المتن أو الإسناد، أو الرواة الذين تشتبه أسماؤهم أو أنسابهم إما خطًّا ورسماً وإما لفظاً، وغير ذلك من الموضوعات العديدة المذكورة في كتب علوم مصطلح الحديث، والتي الغرض منها معرفة الرواة، والقدرة على التمييز بينهم بشتى الطرق.
قال الخطيب البغدادي في مقدمة كتابه "موضح أوهام الجمع والتفريق":
(قد أوردنا في هذا الكتاب ذكر جماعة كثيرة من الرواة انتهت إلينا تسمية كل واحد منهم وكنيته والأمور التي يُعزى إليها كنسبته على وجوه مختلفة في روايات مفترقة ذُكر في بعضها حقيقة اسمه ونسبه واقتُصر في البعض على شهرة كنيته أو لقبه وغُيِّرَ في موضعٍ اسمه واسم أبيه ومُوِّه ذلك بنوع من أنواع التمويه ومعلوم أن بعض من انتهت إليه تلك الروايات فوقوع الخطأ في جمعها وتفريقها غير مأمون عليه ولما كان الأمر على ما ذكرته بعثني ذلك أن بينته وشرحته ونسأل الله التوفيق لسلوك قصد السبيل ... )
ثم نقل الخطيب عن الدارقطني بعض ما أخذه على الإمام البخاري في كتاب "التاريخ الكبير" الذي ترجم فيه لعدد كبير من الرواة، ثم قال الخطيب:
(في كتاب "التاريخ" الذي صنفه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري نظائر كثيرة لما ذكره أبو الحسن الدارقطني عنه من جعله الاثنين واحداً والواحد اثنين وأكثر، ونحن ذاكرون منها بمشيئة الله تعالى ما وضح قاصده وقرب منا على تصديق دعوانا في ذلك شاهده ومُتْبِعُوه بما يشاكله من أوهام الأئمة سوى البخاري في هذا النوع ونذكر فيه ما اختلف العلماء فيه وأيهم أقرب إلى الصواب فيما يدعيه ... )
ثم ساق الخطيب ما يعتذر به أن يلحقه سوء ظن بأن يرى البعض أنه سعى للطعن على الإمام البخاري أو غيره من الأئمة.
ثم ساق الخطيب التراجم في كتابه بحسب ما وقع لمشاهير الأئمة من الوهم والخطأ في ذلك، وترتيبهم في كتابه على النحو التالي:
1 ـ أوهام البخاري في التاريخ الكبير
2 ـ أوهام يحيى بن معين
3 ـ أوهام أحمد بن حنبل
4 ـ أوهام علي ابن المديني
5 ـ أوهام محمد بن يحيى الذهلي
6 ـ أوهام يعقوب بن سفيان النسوي
7 ـ أوهام مسلم بن الحجاج
8 ـ أوهام إبراهيم بن إسحاق البغدادي
9 ـ أوهام أبي داود السجستاني سليمان بن الأشعث
10 ـ أوهام أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي
11 ـ أوهام أبي الحسن الدارقطني
12 ـ أوهام أبي بكر الشيرازي
ثم قال الخطيب في خاتمة كتابه:
(انقضى ذكر الأوهام المتحققة، وهذا ذكر جماعة من السلف اختلف العلماء فيهم ولم يتعين لنا قول المصيب منهم، فحكينا المحفوظ في ذلك عنهم).
ولا شك أن إيرادنا لهذه المقتطفات الموجزة من كتاب "الموضح" إنما هي للدلالة على أهمية التعامل بحرص شديد مع الرواة، وأن هذا الفن لهو من أكثر مواطن الزلل لكل من أقدم عليه بقدم غير راسخة في علم الحديث وعلى الأخص فيما يتعلق بجانب الرواة فيه.
وقبل أن نتطرق إلى ذكر القواعد والضوابط التي اعتمدنا عليها في تحقيق ومراجعة تعيين الرواة علميَّا، نرى أنه من الجدير بالذكر الإشارة بإيجاز إلى الاستراتيجية التي حددتها الشركة كإطار عام للتعامل مع الرواة في الموسوعة.
ونظراً لضخامة عدد مواضع الرواة الذين ينبغي تعيينهم وتمييزهم تمييزاً صحيحاً، والذي يزيد على (ثلاثة ملايين) موضعِ راوٍ، في خضم أكثر من (خمسمائة ألف) إسنادٍ، فقد قامت الشركة بتحديد مراحل العمل في الرواة، وأهداف كل مرحلة بما يخدم ويتناسق في الوقت ذاته مع أطر العمل الأخرى في الموسوعة مثل: التخريج، والتبويب الموضوعي، وتراجم الرواة، وغير ذلك.
من هذا المنطلق فقد كان من الطبيعي أن تبدأ الشركة أعمالها في الرواة بتعيين رواة أسانيد الكتب الأمهات الأصول، المخدومة علمياً من قِبَلِ كثير من العلماء قديماً، وكذا من قبل بعض الجهات والمراكز العلمية حديثاً.
وهذه الكتب الأصول هي الكتب الستة ومسند أحمد.
¥