قال الكرماني: ذكر الكلاباذي أن أبا نعيم سمع من سفيان الثوري ومن سفيان بن عيينة
وأن كلا منها روى عن عاصم الأحول فيحتمل أن يكون أحدهما
قلت: ليس الاحتمالان فيهما هنا على السواء
فإن أبا نعيم مشهور بالرواية عن الثوري معروف بملازمته
وروايته عن ابن عيينة قليلة
وإذا أطلق اسم شيخه حمل على من هو أشهر بصحبته وروايته عنه أكثر
ولهذا جزم المزي في الأطراف أن سفيان هذا هو الثوري
وهذه قاعدة مطردة عند المحدثين في مثل هذا
وللخطيب فيه تصنيف سماه المكمل لبيان المهمل
وقد روى هذا الحديث بعينه سفيان بن عيينة عن عاصم الأحول
أخرجه أحمد عنه وكذا هو عند مسلم رواية ابن عيينة
وأخرجه أحمد أيضا من وجه آخر عن سفيان الثوري عن عاصم الأحول
لكن خصوص رواية أبي نعيم فيه إنما هي عن الثوري) انتهى كلام الحافظ.
وتطبيقا لهذه القاعدة التي ذكرها الحافظ على بعض الرواة الذين يشكل تعيينهم في كثير من الأسانيد لإهمالهم في أكثر المواضع، مع اشتراكهم في الاسم وبعض الشيوخ والتلاميذ، نذكر فيما يلي كيفية الاستفادة من القاعدة المذكورة في مثل هذه المواضع، على أننا ينبغي أن لا نجزم في التعيين بأحد الوجوه كجزمنا في حالة وجود قرينة، فالعبارة ينبغي أن تكون معبرة بشكل أو بآخر عن استعمالنا لقاعدة المقصود عند الإطلاق، والله المستعان.
(1) أشعث عن
الحسن و ابن سيرين
الاستقراء:
(أشعث) البصريين عند الإطلاق هو: (أشعث بن عبد الملك الحمراني)، هذا الاستقراء مستشف من كلام وصنيع بعض الأئمة في ذلك.
كما يستشف من كلامهم أيضاً في المقابل أن (أشعث) الكوفيين عند الإطلاق هو: (أشعث بن سوار الكوفي) على ما سيأتي بيانه بإذن الله.
و المعنى:
أنه إذا كان الراوي عن (أشعث) هكذا مهملاً أحد البصريين لا سيما المشاهير منهم، فإن (أشعث) هذا يكون هو (أشعث بن عبد الملك الحمراني) لا سيما إذا كان شيخ (أشعث) هذا أحد البصريين كذلك مثل (الحسن) و (ابن سيرين)، بغض النظر عن أن (أشعث بن عبد الله الحداني) يشترك معه فيهما وفي غيرهما من الشيوخ وكذلك في بعض التلاميذ.
كما أنه إذا كان الراوي عن (أشعث) هكذا مهملاً أحد الكوفيين لا سيما المشاهير،
فإن (أشعث) هذا يكون هو (أشعث بن سوار الكوفي) لا سيما إذا كان شيخ (أشعث) هذا أحد الكوفيين كذلك مثل (الشعبي)، بغض النظر عن أن (أشعث بن أبي الشعثاء المحاربي الكوفي) يشترك معه فيه وفي غيره من الشيوخ وكذلك في بعض التلاميذ.
تنبيه مهم:
لا تكون هذه القاعدة صحيحة إلا إذا: لم يدل على خلاف ذلك تخريج النص أو أي دلالة أخرى صحيحة، والله أعلم.
ولاحظ معنا ما يلي:
أولاً: (الحسن البصري):
قبل إعمال الاستقراء السابق فالأمر كما يلي:
إذا وقع في إسناد ما: (أشعث عن الحسن)، فينظر:
إن كان الحسن هو البصري، فالأشعث يكون أحد خمسة:
1 ـ أشعث بن عبد الملك الحمراني البصري
2 ـ أشعث بن عبد الله الحداني البصري
3 ـ أشعث بن سوار الكوفي
4 ـ أشعث بن إسحاق القمي
5 ـ أشعث بن براز الهجيمى البصرى
وأما إذا كان أشعث هو ابن أبي الشعثاء، فالحسن يكون هو ابن سعد، مولى الحسن بن على، والعكس صحيح.
كما أننا لا ينبغي أن ننسى أيضاً احتمالات السقط والتحريف، فهناك:
(أبو الأشعث) يروي عن الحسن البصري.
ويروي عنه: حرمى بن حفص القسملى.
و (أبو الأشعث) هذا هو: (عبيد بن مهران الوزان، أبو الأشعث البصري).
ثانياً: (محمد بن سيرين):
قبل إعمال الاستقراء السابق فالأمر كما يلي:
إذا وقع في إسناد ما: (أشعث عن ابن سيرين) أو: (أشعث عن محمد):
فأشعث هذا يكون أحد ثلاثة:
1 ـ أشعث بن عبد الملك الحمراني البصري
2 ـ أشعث بن عبد الله الحداني البصري
3 ـ أشعث بن سوار الكوفي
ولا شك أن الأمر سيكون مربكاً للغاية إذا وجدت أن التخريج يَقْصُر بك عن تمييز أيهم المراد وفي الحقيقة فليس ذلك عيباً في التخريج أو تقصيراً من الرواة أو الأئمة في البيان.
¥