تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واعترض على الشق الثاني من هذا القول بما إذا كان الإسنادان صحيحين. ()

القول الحادي عشر:

أن الحكم عليه إنما هو باعتبار وصفين مختلفين وهما: الإسناد والحكم، فيكون قوله: ((حسن)) باعتبار إسناده، وقوله: ((صحيح)) باعتبار حكمه، لأنه من قبيل المقبول، وكل مقبول يجوز أن يطلق عليه اسم الصحة. ()

n واعترض عليه بأن هذا إنما هو على قول من لا يفرد الحسن من الصحيح، بل يسمي الكل صحيحاً، وأيضاً فإن الترمذي قد أكثر من الحكم بهذا على الأحاديث الصحيحة الإسناد، كمالك عن نافع عن ابن عمر، ونحوها. ()

القول الثاني عشر:

قال الحافظ ابن حجر: (وأجاب بعض المتأخرين بأنه أراد حَسَنٌ على طريقة من يُفَرِّق بين النوعين لقصور راويه عن درجة الصحة المصطلحة، صحيحٌ على طريقة من لا يفرِّق) ().

ويبرز الفرق بين هذا القول والقول الخامس، أن راوي الحديث في القول الخامس مختلف فيه بين موثق ومتوسط؛ فالحكم على الحديث بالصحة بالنظر إلى من وثقه، والحكم عليه بالحُسْن بالنظر إلى من توسط فيه، وأما راوي الحديث في هذا القول فلا يلزم أن يكون مختلفاً فيه، لكنه لا يرقى إلى مرتبة الثقة، فحديثه حينئذ ((حسن)) عند من يفرق بين الصحيح والحسن، وصحيح عند من لا يفرق.

n قال الحافظ ابن حجر بعدما أورد هذا القول: (ويرد عليه ما أوردناه فيما سبق). ()

قال الدكتور ربيع المدخلي: (يقصد ما أورده على ابن كثير من أنه يلزم على قوله أن لا يكون في كتاب الترمذي صحيح إلا النادر) ().

n قلت: كما يرد عليه أيضاً أن الترمذي قد بيَّن مراده بالحسن في كتابه، مما يدل على أنه يفرِّق بين الحسن والصحيح، وهو إنما يحكم في كتابه بناء على مصطلحه هو لا غيره.

القول الثالث عشر:

أن ما قيل فيه: ((حسن صحيح)) إن لم يكن فرداً فيكون الإطلاق باعتبار إسنادين أحدهما ((صحيح)) والآخر ((حسن))، وعليه فما قيل فيه ((حسن صحيح)) فوق ما قيل فيه ((صحيح))، لأن كثرة الطرق تقويه.

وإن كان فرداً فإنما أطلق عليه هذان الوصفان لأن وجود الدرجة العليا وهي الحفظ والإتقان لا ينافي وجود الدنيا كالصدق، فيصح أن يقال: ((حسن)) باعتبار الصفة الدنيا، ((صحيح)) باعتبار الصفة العليا، ويلزم على هذا أن يكون كل صحيح حسناً.

وهذا القول نسبه السيوطي للحافظ ابن حجر فقال: (ولشيخ الإسلام جواب خامس، وهو التوسط بين كلام ابن الصلاح وابن دقيق العيد، فيخص جواب ابن الصلاح بما له إسنادان فصاعداً، وجواب ابن دقيق العيد بالفرد) ().

n قلت: ويرد عليه ما سبق إيراده على قوليهما.

كما يرد عليه أيضاً أن فيه استعمالاً لمصطلح واحد في معنيين متغايرين.

القول الرابع عشر:

أن المراد حسن لذاته، صحيح لغيره. ()

والفرق بين هذا القول والقول الأول أن هذا الحسن قد يكون ارتقاؤه إلى درجة الصحيح لغيره إنما هو لوجود متابع حسن مثله أو أعلى منه، وأما في القول الأول فإن الحديث قد ورد بإسنادين أحدهما ((حسن)) والآخر ((صحيح)).

n قلت: ويرد على هذا القول عدة أمور:

أولاً: أنه يحكم بذلك كثيراً على أحاديث في أعلى درجات الصحة.

ثانياً: أنه يلزم عليه أن يكون الصحيح لذاته عنده قليلاً جداً.

ثالثاً: أنه قد يحكم بذلك على أحاديث ثم يصفها بالغرابة، مما يدل على أنه قصد الحكم على الحديث بإسناده المذكور.

القول الخامس عشر:

أن الإمام الترمذي أراد أنه ((حَسَنٌ)) باعتبار إسناده، ((صحيح)) لأنه أصح شيء ورد في الباب، فإنه يقال: أصح ما ورد كذا، وإن كان حسناً أو ضعيفاً، ويراد أرجحه وأقله ضعفاً. ()

n قلت: ويمكن الاعتراض على هذا القول من عدة وجوه:

الأول: أنه يرد عليه ما قال فيه الترمذي: ((حسن صحيح)) وكان جميع رواته متفقاً على عدالتهم وتوثيقهم، وقد تقدم ما ذكره الحافظ ابن رجب من أن الترمذي يجمع بين الحُسْن والصحة في غالب الأحاديث الصحيحة المتفق على صحتها والتي أسانيدها في أعلى درجات الصحة، كمالك عن نافع عن ابن عمر، والزهري عن سالم عن أبيه. ()

وذكر الحافظ ابن حجر أيضاً أن الترمذي قد أكثر من الحكم بذلك على الأحاديث الصحيحة الإسناد.

الثاني: أنه يرد عليه ما إذا كان في الباب من الأحاديث ما هو أصح وأقوى مما حكم عليه الإمام الترمذي بهذا الحكم.

الثالث: أنه يرد عليه أيضاً ما أورده ابن حجر على قول ابن كثير المتقدم، وهو أنه يلزم عليه أن لا يكون في كتاب الترمذي صحيح إلا النادر؛ لأنه قل ما يعبر إلا بقوله: حسن صحيح ().

ومما تقدم يظهر عدم سلامة أيٍّ من هذه الأقوال من الاعتراض والرد، ومرد ذلك عدم وجود نص من الإمام الترمذي في بيان هذا المصطلح حتى يكون فصلاً لا يصار إلى غيره.

ومما ظهر لي بعد دراسة جملة من الأحاديث التي حكم عليها بهذا الحكم، أنه يقصد بقوله: ((حسن صحيح)) الحكم بصحة الحديث، وأن حكمه بالصحة مفرداً من باب التنويع في العبارة، ولذا قل استعماله له.

ومما يحسن التنبيه إليه أن الإمام الترمذي لم ينفرد بإطلاق هذا الحكم، وإنما اشتهر به لأنه أكثر منه، وإلا فقد وقع هذا في كلام البخاري ويعقوب بن شيبة وأبي علي الطوسي ().

هذا ما تيسر جمعه، ولا شك أن الخلل فيه بادٍ، ولعل في ضيق الوقت مستعتباً حيث ضاق الوقت عن مراجعته وتحريره، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. [/ CENTER][/RIGHT]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير