على ذلك كثيرة جداً، أذكر منها مثالاً واحداً لكونه مشفوعاً بكلام لمسلم عن الزيادة، وهو أن مسلماً جزم بخطإ زيادة أيمن بن نابل في حديث التشهد أعني قوله (بسم الله وبالله)، ثم قال: "والزيادة في الأخبار لا تلزم إلا عن الحفاظ الذين لم يعثر عليهم الوهم في حفظهم".
ب - (الفرض الثاني): أن نقول بأن مسلماً لم يكن يرى صحة هذه الزيادة، وإذا كان ذلك كذلك، وهو الأقرب إلى الصواب، فما هو السبب في إيراد مسلم لهذه الزيادة في صحيحه؟، والجواب على ذلك - فيما أرى – هو أن مسلماً عندما أراد أن يحتج بحديث ثابت بن الضحاك كان عنده فيه ثلاثة طرق؛ طريق يحيى بن أبي كثير، وطريق أيوب السختياني، وطريق خالد الحذاء، فلما أراد ذكر هذه الطرق استملح أن يبتدئ بطريق يحيى بن أبي كثير لعلوها عنده، وجلالة قدر صاحبها، فإن بينه وبين أبي قلابة من طريق يحيى بن أبي كثير ثلاثة رواة بخلاف الطريقين الآخرين، غير أن مسلماً لما أراد الابتداء بطريق يحيى بن أبي كثير العالية من طريق شيخه يحيى بن يحيى عن معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير لم ير ترك هذه الطريق دون عاضد لها، ولم يكن عنده ما يستكثر بذكره من طريق يحيى إلا طريقاً أخرى ليست عالية ولا متقنة، فلم ير ترك ذكرها مع علمه بما يعتورها من عدم إتقان راويها لبعض اللفظ، فغلب مصلحة الاستكثار من الطرق على مفسدة ما قد يظن به من تصحيح تلك اللفظة الزائدة.
ثم إن مسلماً ليبين علمه بما في الرواية من العوار لم يدمجها بالرواية المتقدمة، بل فصلها عنها، بخلاف الروايات الأخرى لهذا الحديث أعني رواية أيوب وخالد الحذاء التي ساقها بعد رواية يحيى بن أبي كثير، حيث دمج أسانيد تلك الروايات ولم يفصلها.
وكذلك لم يكمل مسلمٌ جواب الشرط في قوله: "ومن حلف على يمين صبر فاجرة"، قال النووي عند شرحه لهذه الجملة: "كذا وقع في الأصول هذا القدر فحسب، وفيه محذوف"، وإنما لم يكمل مسلم جواب الشرط فيما أظن لأن الراوي إنما أراد من هذه اللفظة ما رواه غيره بلفظ: "من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبا فهو كما قال"، والدليل على أن مسلماً هو الذي لم يكمل جواب الشرط في هذه الجملة أن الحديث مروي عند غير مسلم من رواية أبي غسان هذه بذكر جواب الشرط فيها، فقد أخرج الحديث ابن مندة من طريق أبي غسان فقال: "ومن حلف على يمين صبر فاجرة فهو كما قال"، وهذا يؤيد أن مسلماً ترك جواب الشرط عمداً ليبين أن الراوي قد أخطأ في هذا الموضع، وأنه إنما أورد روايته احتجاجاً بأصل الحديث، وأن أصله ما قدمه في الباب، والله تعالى أعلم.
2 - (السبب الثاني): مجرد الاحتجاج بما في رواية أبي غسان من المتابعة لرواية معاوية بن سلام على التصريح بالتحديث بين يحيى بن أبي كثير وأبي قلابة، لأن من أهل العلم من يشكك في سماع يحيى بن أبي كثير من أبي قلابة، قال الأثرم: "وسمعت أحمد بن حنبل يسأل، يحيى بن أبي كثير سمع من أبي قلابة؟، فقال: لا أدري بأي شيء يدفع أو نحو هذا، قلت: زعموا أن كتب أبي قلابة وقعت إليه قال لا"، على أن يحيى يوصف بالتدليس أيضاً، فكأن مسلماً إنما أورد رواية أبي غسان لهذه الحيثية دون الاحتجاج بما في الحديث من الألفاظ الزائدة، والله تعالى أعلم.
ـ[سعيد بن محمد المري]ــــــــ[12 - 07 - 05, 03:43 م]ـ
أرجو المعذرة لكوني لم أستطع إدراج الإحالات لعدم معرفتي بطريقة كتابتها.
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[12 - 07 - 05, 04:11 م]ـ
مرحبا بشيخنا الكريم سعيد المري
ويمكنك نسخ الحواشي مفردة ولصقها، حيث أن ملفات الوورد لاتقبل نسخ الحاشية مع المتن، فيمكنك نسخ كل منها على حدة ثم لصقها بعد ذلك
ونسال الله أن يبارك فيكم وفي علمكم.
وسيكون هناك بإذن الله تعالى نقاش حول الفوائد التي ذكرتها في مشاركات لاحقة.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[12 - 07 - 05, 04:29 م]ـ
بارك الله فيكما شيخينا الكريمين ..
وأود التنبيه إلى طريقة في نسخ ملف الوورد مع الحواشي:
حيث إذا انتهى العمل على الملف، تُفتَح قائمة (ملف) ثم (حفظ باسم)، وفي الأسفل (حفظ بنوع) يوضع النوع: ( Web Page ) .
ثم يُفتح الملف الذي حُفظ على هذا النحو، وينسخ فيه النص مع الحواشي.
ـ[سعيد بن محمد المري]ــــــــ[13 - 07 - 05, 05:25 ص]ـ
¥