يتبين مما سبق أنه ضعيف الحديث وهو قول عامة أهل الحديث، وهم: سفيان الثوري وابن عيينة وهشيم ويحيى القطان وأحمد وأبوحاتم وأبوزرعة الرازيان وأبوداود والنسائي والجوزجاني والساجي وابن خزيمة وابن حبان وابن عدي والدارقطني والحاكم والبيهقي.
وأما توثيق ابن معين له فقد جاء عنه روايات أخرى فيها تضعيفه، وقد قرر ابن شاهين _ كما في كتابه المختلف فيهم في عدة مواضع _ أنه إذا كان للإمام الواحد قولان مختلفان فأولاهما بالصواب ما وافقه عليه غيره من النقاد.
وأما توثيق ابن سعد له فهو قول شاذ منه، وإن كان ابن حجر _ كما في هدي الساري _ قرر أنه لا يعتمد على قوله لأن مادته من الواقدي. والذي يظهر لي هو أنه ممن يعتمد قوله في الجرح والتعديل، إلا أنه شذ هنا كما قد يحصل لغيره من النقاد.
وقد عد ابن حجر عطية العوفي من المدلسين، ووضعه في المرتبة الرابعة، وهذا مما لا يوافق عليه، وقد وجدت لشيخنا الشريف حاتم العوني حفظه الله كلاماً له حول تدليسه، فأحببت ذكره والاقتصار عليه، وإليك كلامه:
قال _ كما في أحاديث الشيوخ الثقات (2/ 526رقم 83):
(قلت: وضع عطية العوفي في الطبقة الرابعة من المدلسين فيه نظر، حتى عند من وصفه بالتدليس! حيث إن الطبقة الرابعة من المدلسين طبقة من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، وعطية العوفي حتى وإن قال: (حدثني أبوسعيد) لا يُقبل حديثه عند من وصفه بالتدليس، لأن تدليسه تدليس شيوخ، لا تدليس إسناد حتى يؤثر في قبول عنعنته!!.
قال الإمام أحمد في العلل (رقم 1306): (هو ضعيف الحديث. بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير، وكان يكنيه بأبي سعيد، فيقول: قال أبوسعيد).
وقال ابن حبان في المجروحين (2/ 167_177): (سمع من أبي سعيد الخدري أحاديث، فلما مات أبوسعيد جعل يجالس الكلبي ويحضر قصصه … وكنّاه أباسعيد، ويروي عنه، فإذا قيل له: من حدثك بهذا؟ فيقول: حدثني أبوسعيد، فيتوهمون أنه يريد أباسعيد الخدري، وإنما أراد الكلبي. (ثم أسند ابن حبان إلى) أبي خالد الأحمر قال: قال لي الكلبي: قال لي عطية، كنيتك بأبي سعيد، قال: فأنا أقول: حدثنا أبوسعيد).
وقال ابن رجب في شرح علل الترمذي (2/ 823) بعد نقل كلام الكلبي عن تدليس عطية العوفي له: (ولكن الكلبي لا يُعتمد على ما يرويه. وإن صحت هذه الحكاية عن عطية، فإنما يقتضي التوقف فيما يحكيه عن أبي سعيد من التفسير خاصة. فأما الأحاديث المرفوعة التي يرويها عن أبي سعيد فإنما يريد أبا سعيد الخدري، ويصرح في بعضها بنسبته).
وقد كنت على أن عطية العوفي يدلس هذا التدليس القبيح حتى تنبهت إلى أن الإمام الترمذي كان جارياً في جامعه على تحسين ما يستغربه من حديث عطية العوفي عن أبي سعيد، فانظر جامعه (رقم 1329، 2174، 2351، 2524، 2590، 2926، 1935، 3071، 3192، 3727).
وإجلالي للترمذي جعلني أعاود النظر في وصفه بهذا التدليس، فظهر لي أنه لا يصح عنه!!!.
فدليل ابن حبان الذي أسنده، وأخرجه الإمام أحمد في العلل (رقم 4500) والعقيلي (3/ 359) وابن عدي (5/ 369) إنما هو من كلام الكلبي نفسه عن عطية، والكلبي كذاب، فكيف يُقبل نقله في جرح راوٍ أو وصفه بالتدليس؟!!
ولعل الإمام أحمد لذلك لم يجزم بالخبر، وإنما قال: (بلغني).
أما ابن حبان فجزم، ولما ذكر دليله على هذا الجزم ألفيناه غير صالح للاستدلال!.
فرحم الله الترمذي! كم يُتهم بالتساهل؟! وإنما ذنبه أنه علم ما جهله غيره!!.).
ـ[ابن معين]ــــــــ[03 - 11 - 02, 11:56 م]ـ
يرفع لمن لم يطلع على الموضوع بعد أن ذهبت بعض التعقيبات.
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[04 - 11 - 02, 12:04 ص]ـ
جزاك الله خيرا يا ابن معين، وكتب ذلك في موازين حسناتك ..
ـ[الأزهري السلفي]ــــــــ[04 - 11 - 02, 12:23 ص]ـ
وهكذا يقال وإلا فلا.
ـ[أخو من طاع الله]ــــــــ[04 - 11 - 02, 02:26 ص]ـ
بارك الله فيك ..
هكذا فليكن من تسمى بابن معين ..
ـ[ابن معين]ــــــــ[04 - 11 - 02, 05:16 م]ـ
أخي (ابن أبي حاتم): وجزاك الله خيراً على تعقيبك.
وأسأل الله أن يكتب لكل من شارك أجراً وثواباً.
أخي (الأزهري السلفي): أسأل الله أن ينفع بكم الإسلام والمسلمين.
أخي: كتب الله لك الأجر والثواب على تعقيبك.
ـ[ابن أبي حاتم]ــــــــ[04 - 11 - 02, 05:29 م]ـ
وإياك ..
ونحن في انتظار المزيد يا (ابن معين).
زادك الله من فضلك، ورزقنا وإياك العلم النافع والعمل الصالح.
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[05 - 11 - 02, 08:12 ص]ـ
الترمذي يحسن الحديث المنقطع، فلا يصلح هذا لنفي تدليس عطية. وفي كل الأحوال فهو ضعيف ساقط، دلّس أم حدّث.
ـ[ابن معين]ــــــــ[05 - 11 - 02, 04:29 م]ـ
أخي الفاضل: محمد الأمين ..
ليس نفي تدليس عطية العوفي لمجرد تحسين الترمذي له!
أكمل القراءة .. وستجد السبب لهذا النفي.
ثم قولك (وفي كل الأحوال فهو ضعيف ساقط): بين العبارتين (ضعيف) و (ساقط) فرق مؤثر _ وأظنه لا يخفاك _.