تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون", وهذا صريح في أن العلم يحصل بإنذار الطائفة (التي هي الواحد فما فوقه) .. , أي لينذروا قومهم حتى يحذروا من ما يجب اجتنابه من كفر وشرك وعصيان لأوامر الله, وفعل لما حرمه ونهى عنه, وحتى يحذروا عذاب الله وعقابه.

4 - قوله تعالى: (وَلا تَقْف مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم إن السمع والبصر والفؤاد كل أؤلئك كان عنه مسئولا) الإسراء 36. أي لا تتبعه ولا تعمل به. ومن المعلوم والمقطوع به أنه لم يزل المسلمون من عهد الصحابة والتابعين يقفون أخبار الآحاد ويعملون بها ويثبتون بها بها العقائد والغيبيات والصفات الإلهية. فلو كانت أخبار الآحاد الصحيحة لا تفيد علما, ولا تثبت عقيدة لكان الصحابة والتابعون وتابعوهم وأئمة الإسلام كلهم قد قفوا ما ليس لهم به علم, وهذا لا يقوله مسلم. [انظر الصواعق المرسلة 2: 396]

5 - قوله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُون) الأنبياء 7. فأمر الله بسؤال أهل الذكر, والأمر للوجوب مطلقا, ويؤكد ذلك كون السائل لا يعلم, ويحرم عليه العمل بالجهل أو بغير تثبت, ولو لم يكن القبول واجبا لما كان السؤال واجبا, فوجب العمل (ووجوب العمل يقتضي وجوب العلم كما أوضحنا سابقا) بخبر المخبر الثقة, وإلا كان وجوب السؤال كعدمه, وذلك باطل. فلولا أن أخبارهم تفيد العلم لم يأمر بسؤال من لا يفيد خبره علماً، وهو سبحانه لم يقل سلوا عدد التواتر بل أمر بسؤال أهل الذكر مطلقاً فلو كان واحداً لكان سؤاله وجوابه كافيا.

6 - قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَه) المائدة 67. وقوله تعالى: (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِين) ومعلوم أن البلاغ هو الذي تقوم به الحجة على المبلغ، ويحصل به العلم فلو كان خبر الواحد لا يحصل به العلم لم يقع به التبليغ الذي تقوم به حجة الله على العبد فإن الحجة إنما تقوم بما يحصل به العلم، وقد كان الرسول (ص) يرسل الواحد من أصحابه يبلغ عنه، فتقوم الحجة على من بلغه وكذلك قامت حجته علينا بما بلغنا العدول الثقات من أقواله وأفعاله وسنته, ولو لم يفد ذلك العلم لم تقم علينا بذلك حجة ولا على من بلغه واحد أو اثنان أو ثلاثة أو أربعة أو دون عدد التواتر، وهذا من أبطل الباطل فيلزم من قال أن أخبار رسول الله (ص) لا تفيد العلم أحد أمرين:

أ- إما أن يقول أن الرسول لم يبلغ غير القرآن وما رواه عنه عدد التواتر وما سوى ذلك لم تقم به حجة ولا تبليغ.

ب- وإما أن يقول أن الحجة والبلاغ حاصلان بما لا يوجب ولا يقتضي علما.

وهذان الأمران هما عين الباطل, فلزم المراد.

وزيادة في البيان والتوضيح أقول: إن الله أمر رسوله بتبليغ ما أنزل إليه للناس كافة (من عاصره ومن يأتي بعده إلى يوم القيامة) , فوجب التبليغ عنه (ص) على من سمع من فمه الشريف, ووجب كذلك على من بعدهم ممن سمعهم .. , وهكذا. وإلا كان وجوب التبليغ على النبي (ص) كعدمه, وهذا باطل. والتبليغ عنه (ص) قد تقوم به جماعة أو واحد أو اثنان, ولا يؤمر أحد بالتبليغ غلا وقد وجب قبول خبره, ووجب العمل به على كل من سمعه, وغلا كان وجوب التبليغ على الفرد أو الجماعة كعدمه, وهذا باطل ممتنع. ومعلوم أن البلاغ هو الذي تقوم به الحجة على المبلغ, ويحصل به العلم (كما أوضحنا سابقا).

7 - قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا) البقرة 143. وقوله تعالى: (وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ). فالمخبر بخبر عن النبي (ص) شاهد على الناس بأن الرسول (ص) قد قال كذا وكذا, ولا يجوز أن يجعله الله شاهدا على الناس, إلا ويتعبد بالرجوع إلى خبره عنه (ص) , وإلا كانت الشهادة على الناس كعدمها. وهذا كله باطل, فلزم المراد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير