تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا بطل هذان الأمران بطل القول بأن أخباره - صلى الله عليه وسلم- التي رواها الثقات العدول الحفاظ لا تفيد علما. وهذا ظاهر لا خفاء فيه بحمد الله.

5 - روى الشافعي في الرسالة فقال: أخبرنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن أبيه عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: " نضر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها وأداها فرب حامل فقه إلى غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم. إخلاص العمل لله والنصيحة للمسلمين ولزوم جماعتهم فإن دعوتهم تحيط من ورائهم". رواه أحمد وابن ماجة عن أنس وصححه الألباني في صحيح الجامع (6640) , ورواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.

وهو حديث متواتر بلغ رواته من الصحابة نحو ثلاثين صحابياً، كما ذكر الإمام السيوطي في تدريب الراوي (ج 2 ص179، وانظر كشف الخفاء ومزيل الالتباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للعجلوني ج2 ص 441) , وهو مما أجمعت على صحته الأمة, ولم يطعن فيه حتى أعداء السنة.

قال الشافعي في الرسالة (ص402 – 403): فلما ندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها أمرا أن يؤديها ولو واحد دل على أنه لا يأمر من يؤدي عنه إلا ما تقوم به الحجة على من أدي إليه؛ لأنه إنما يؤدي عنه حلالاً يؤتى, وحرام يجتنب, وحد يقام, ومال يؤخذ ويعطى, ونصيحة في دين ودنيا. ودل على أنه قد يحمل الفقه غير الفقيه يكون له حافظاً ولا يكون فيه فقيهاً وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بلزوم جماعة المسلمين مما يحتج به في أن إجماع المسلمين لازم ". اهـ

والمقصود أن خبر الواحد العدل لو لم يفد علماً لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن لا يقبل من أدى إليه إلا من عدد التواتر الذي لا يحصل العلم إلا بخبرهم ولم يدع للحامل المؤدي وإن كان واحداً، لأن ما حمله لا يفيد العلم فلم يفعل ما يستحق الدعاء وحده إلا بانضمامه إلى أهل التواتر وهذا خلاف ما اقتضاه الحديث ومعلوم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إنما ندب إلى ذلك وحث عليه وأمر به لتقوم به الحجة على من أدي إليه فلو لم يفد العلم لم يكن فيه حجة.

6 - حديث أبي رافع الصحيح (وهو مما تلقته الأمة بالقبول, فلم يطعن فيه أحد, ولا حتى مجنون) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: " لا ألفين أحداً منكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري, يقول: لا ندري ما هذا .. , بيننا وبينكم القرآن. ألا وإني أوتيت القران ومثله معه ". رواه أبو داود والترمذي والحاكم وصححه, وأحمد بإسناد صحيح.

ووجه الاستدلال أن هذا نهي عام لكل من بلغه حديث صحيح ((لقوله"ص": يأتيه الأمر من أمري. .. يأتيه الأمر عن طريق الآحاد من الصحابة الذين هم أول من ينقل الخبر)) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أن يخالفه أو يقول لا أقبل إلا القرآن بل هو أمر لازم وفرض حتم بقبول أخباره وسننه وإعلام منه - صلى الله عليه وسلم- أنها من الله أوحاها إليه فلو لم تفد علماً لقال من بلغته إنها أخبار آحاد لا تفيد علماً فلا يلزمني قبول مالا علم لي بصحته والله تعالى لم يكلفني العلم بما لم أعلم صحته ولا اعتقاده بل هذا بعينه هو الذي حذر منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أمته ونهاهم عنه ولما علم أن في هذه الأمة من يقوله حذرهم منه فإن القائل إن أخباره لا تفيد العلم هكذا يقول سواء لا ندري ما هذه الأحاديث وكان سلف هؤلاء يقولون بيننا وبينكم القرآن وخلفهم يقولون بيننا وبينكم أدلة العقول وقد صرحوا بذلك وقالوا نقدم العقول على هذه الأحاديث آحادها ومتواترها ونقدم الأقيسة عليها.

7 - عن أنس قال: "أن أهل اليمن قدموا على رسول الله (ص) فقالوا: ابعث معنا رجلا يعلمنا السنة والإسلام. فأخذ صلى الله عليه وسلم بيد أبي عبيدة فقال: هذا أمين هذه الأمة". أخرجه مسلم, ورواه البخاري مختصرا.

ولو لم يفد خبر الواحد العلم والعمل, لم يبعث إليهم (ص) أبا عبيدة بن الجراح وحده.

وقولهم (يعلمنا السنة والإسلام) صريح في أن ذلك يشمل العقيدة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير