تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تَصَدّى رِجَالٌ فِي الْمَعَالِي لِيُدْرِكُوا ... مَدَاكَ وَمَا أَدْرَكْتَهُ فَتَذَبْذَبُوا

وَرُمْتَ الَّذِي رَامُوا فَأَذْلَلْتَ صَعْبَهُ ... وَرَامُوا الَّذِي أَذْلَلْتَ مِنْهُ فَأَصْعَبُوا

ثُمَّ صَحِبَ بَعْدَهُ أَئِمَّةً تُشَدُّ إِلَيْهِمْ الرِّحَالُ وَيُقْصَدُونَ. مِنْ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانَاً وَيَنصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ. فَلازَمَ أَبَا بَكْرٍ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيَّ أَوْحَدَ الْحُفَّاظِ الرُّفَعَاءِ. وَلَمْ يَلْتَفِتْ بِهِمَّتِهِ عَنْهُ إَلَى بَيْضَاءَ وَلا صَفْرَاءَ. حَتَّى وَعَى صَدْرُهُ وَخَزَنَتْ دَفَاتِرُهُ مَا لَدِيهِ. وَحَمِدَ عِنْدَ إِيَابِهِ السُّرَى وَالإِدْلاجَ إِلَيْهِ.

وَزَاحَمَ بِرُكْبَتَيْهِ أُلُوفَ الْحَاضِرِينَ مَجَالِسَ أَبِي مُحَمَّدٍ يَحِيَى بْنِ صَاعِدٍ حَامِي جَنَابِ الشَّرْعِ مِنْ الَحَدِيثِ الْمُفْتَرَى. وَالذَّائِدِ عَنْ السُّنَّةِ وَنَاصِرِهَا نَصْرَاً عَزِيزَاً مُؤَزَّرَا. فَقَرَّبَهُ مِنْهُ وَأَدْنَاهُ. وَأَمْلَى عَلَيْهِ فَوَائِدَ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهَا سِوَاهُ. وَمَا بَرِحَ يَرْتَحِلُ فِى الأَمْصَارِ يَطْلُبُ الْمَزِيد. حَتَّى حَوَى مِنْ الْحَدِيثِ وَالآثَارِ فَوْقَ مَا يُرِيد. وَلِسَانُ حَالِهِ يَقُولُ:

وَمَا لِي حَالَةٌ أَرْجُو بَقَاهَا ... سِوَى التَّشْمِِيرِ فِي طَلَبِ المَعَالِي

نَظَرْتُ فَلَمْ أَجِدْ شَيْئَاً بِعَيْنِي ... مِنْ الدُّنْيَا يَزِيدُ عَلَى خِلالِي

وَاشْتَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَى الْمُجَاوَرَةِ سَنَةً بِحَرَمِ اللهِ الأَمِين. فَأَمَّهُ فَحَجَّ وَاعْتَمَرَ وَلَمَّا هَمَّ بِالْخُرُوجِ نُودِيَ: أَرَدْتَ سَنَةً وَأَرَدْنَا ثَلاثِين. فَأَقَامَ بِمَكَّةَ وَصَارَ شَيْخَهَا وَمُفِيدَ حُجَّاجِهَا وَالْقَاطِنِين. عَلَى خُلُقٍ أَرَقَّ مِنْ النَّسِيمِ. وَمُحَيَّا تَعْرِفُ فِيهِ نَضْرَةَ النَّعِيمِ.

وَغَدَتْ مَجَالِسُهُ بِكُبَرَاءِ أَهْلِ الْعِلْمِ صَبَاحَاً مُشْرِقَاً. وَأَمْسَتْ أَوْقَاتُهُ غَيْثَاً بِالْخَيْرَات مُغْدِقَاً. وَأَذَاعَ أَرِيجَ ثَنَاءِهِ مِسْكُ اللَّيْلِ وَكَافُورُ الصَّبَاح. وَخَجَلَ عِنْدَ ذِكْرِهِ كُلُّ مُنَاظِرٍ مُعَانِدٍ وَكَبْشٍ نَطَّاح. وَوَضَحَ بُرْهَانُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَتُعُوِّذَ مِنْ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاس. وَنَادِي لِسَانُ الْحَقِّ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيَؤُمْ النَّاس.

ويتبع بتوفيق الله تعالَى.

ـــــ هامش ـــــ

(1) تَرْجَمَتُهُ فِي: البداية والنِّهاية (11/ 270)، وتاج العروس (1/ 2447)، وتاريخ الإسلام (1/ 2690)، وتاريخ بغداد (2/ 243)، وتذكرة الْحُفَّاظِ (3/ 936)، والرِّسالة الْمُسْتطرفة (1/ 112،102،51،43)، وسير أعلام النُّبَلاء (16/ 133)، وشذرات الذَّهَبِ (3/ 35)، وصفة الصَّفوة (2/ 470)، وطبقات الْحُفَّاظِ (1/ 379)، وطبقات الشَّافِعِيَّة (3/ 149)، والْعِبَر فِي خَبَر مَنْ غَبَر (2/ 318)، والْعِقْد الثَّمين فِي أخبار البلد الأمين (2/ 3)، والفهرست (1/ 301)، وكشف الظنون (1/ 523،52،37،28 و2/ 1433،1430،1255،1037)، ومرآة الجنان وعبرة اليقظان، ومعجم البلدان (1/ 51)، والْمَقْصد الأرشد فِي ذِكْرِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ (2/ 389)، والنجوم الزاهرة (4/ 60)، وهداية العارفين (1/ 470)، والوافِي بالوفيات (1/ 300)، ووفيات الأعيان (3/ 419).

(2) قال العلامة يَاقُوتُ الْحَمَوِيُّ ((معجم البلدان)) (1/ 51): دَرْبُ الآجُرِّ مَحَلَّةٌ كَانَتْ بِبَغْدَادَ مِنْ مَحَالِ نَهْرِ طَابِقٍ بِالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، سَكَنَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعَلِمِ، وَهُوَ الآنَ خَرَابٌ. يُنْسَبُ إِلَيْهَا: أبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الآجُرِّيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير