تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ، يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ، آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَدْعَجَ مُخْدَجٌ، إِحْدَى يَدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ))، قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَشْهَدُ أَنِّي كُنْتُ مَعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حين قَتَلَهُمْ، فَالْتُمِسَ الرَّجُلُ فِي القتلَى، فَأُتِيَ بِهِ عَلَى النَّعْتِ الِّذِي نَعَتَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَالَ أبُو بَكْرٍ الآجُرِّيُّ: لَمْ يَخْتَلِفْ الْعُلَمَاءُ قَدِيْمَاً وَحَدِيثَاً أَنَّ الْخَوَارِجَ قَوْمُ سُوءٍ، عُصَاةٌ للهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ صَلُّوا وَصَامُوا، وَاجْتَهَدُوا فِي الْعِبَادَةِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِنَافِعٍ لَهُمْ وَإِنْ أَظْهَرُوا الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِنَافِعٍ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ قَوْمٌ يَتَأَوَّلُونَ الْقُرْآنَ عَلَى مَا يَهْوُونَ، وَيُمَوْهُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

وَقَدْ حَذَّرَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُمْ، وَحَذَّرَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَذَّرَنَاهُمْ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ بَعْدَهُ، وَحَذَّرَنَاهُمْ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ.

وَالْخَوَارِجُ هُمْ الشُّرَاةُ الأَنْجَاسُ الأَرْجَاسُ، وَمَنْ كَانَ عَلَى مَذْهَبِهِمْ مْنِ سَائِرِ الْخَوَارِجِ، يَتَوَارَثُونَ هَذَا الْمَذْهَبَ قَدِيْمَاً وَحَدِيثَاً، وَيَخْرُجُونَ عَلَى الأَئِمَّةِ وَالأُمَرَاءِ ويستحلون قَتْلَ الْمُسْلِمِينَ. وَأَوَّلُ قَرْنٍ طَلَعَ مِنْهُمْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ رَجُلٌ طَعَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يَقْسِمُ الْغَنَائِمَ بِالْجِعْرَانَةِ، فَقَالَ: اعْدِلْ يَا مُحَمَّدُ، فَمَا أَرَاكَ تَعْدِلُ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَيْلَكَ، فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَكُنْ أَعْدِلْ؟))، فَأَرَادَ عُمَرُ قَتْلَهُ، فَمَنَعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَتْلِهِ، وَأَخْبَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((أَنَّ هَذَا وَأَصْحَابَاً لَهُ، يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاتَهُ مَعَ صَلاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ))، وَأَمَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ بِقِتَالِهِمْ، وَبَيَّنَ فَضْلَ مَنْ قَتَلَهُمْ أَوْ قَتَلُوهُ.

ثُمَّ إِنَّهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ خَرَجُوا مِنْ بِلْدَانٍ شَتَى، وَاجْتَمَعُوا وَأَظْهَرُوا الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ، حَتَّى قَدَمُوا الْمَدِينَةَ، فَقَتَلُوا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَقَدْ اجْتَهَدَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ فِي أَنْ لا يُقْتَلَ عُثْمَانُ، فَمَا أَطَاقُوا ذَلِكَ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير