ثُمَّ خَرَجُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَلَمْ يَرْضَوْا بِحُكْمِهِ، وَأَظْهَرُوا قَوْلَهُمْ، وَقَالُوا: لا حُكْمَ إِلا للهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: كَلِمَةُ حَقٍّ أَرَادُوا بِهَا الْبَاطِلَ، فَقَاتَلَهُمْ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَأَكْرَمَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ بِقَتْلِهِمْ، وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفَضْلِ مَنْ قَتَلَهُمْ أَوْ قَتَلُوهُ، وَقَاتَلَ مَعْهُ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ، فَصَارَ سَيْفُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي الْخَوَارِجِ سَيْفَ حَقٍّ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ.
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[09 - 09 - 05, 03:06 ص]ـ
بَابُ ذِكْرِ افْتِرَاقِ الأُمَمِ فِي دِينِهِمْ وَعَلَى كَمْ تَفْتَرِقُ هَذِهِ الأُمَّةُ؟
ـــــــــ
ذَكَرَ فِيهِ جُمْلَةَ أَحَادِيثَ فِي افْتِرَاقِ الأُمَمِ قَبْلَنَا، وافْتِرَاقِنَا مِثْلَهُمْ، مِنْهَا:
حَدَّثَنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ أخبرَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ: ((تَفَرَّقَتْ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَافترقت النَّصَارَى عَلَى إِحْدَى أَوْ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً)).
وَقَالَ أبُو بَكْرٍ: رَحِمَ اللهُ عَبْدَاً حَذِرَ هَذِهِ الْفِرَقَ، وَجَانَبَ الْبِدَعَ، وَاتَّبَعَ وَلَمْ يَبْتَدِعْ، وَلَزِمَ الأَثَرَ، وَطَلَبَ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ، وَاسْتَعَانَ بِمَوْلاهُ الْكَرِيْمِ.
حَدَّثَنَا أبُو بَكْرِ بْنُ أبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدٍ يَعْنِي ابْنَ سِيرَينَ قَالَ: كَانُوا يَقُولُوَن: إِذَا كَانَ الرَّجُلُ عَلَى الأَثَرِ، فَهُوَ عَلَى الطَّرِيقِ.
بَابُ التَّحْذِيرِ مِنْ طَوَائِفَ تُعَارِضُ سُنُنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَشِدَّةِ الإِنْكَارِ عَلَى هَذِهِ الطَّبَقَةِ
ــــــــ
قَالَ أبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: يَنْبَغِي لأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ إِذَا سَمِعُوا قَائِلاً يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ قَدْ ثَبَتَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، فَعَارَضَ إِنْسَانٌ جَاهِلٌ، فَقَالَ: لا أَقْبَلُ إِلا مَا كَانَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قِيلَ لَهُ: أَنْتَ رَجُلُ سُوءٍ، وَأَنْتَ مِمَّنْ حَذَّرَنَاكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَحَذَّرَ مِنْكَ الْعُلَمَاءُ.
وَقِيلَ لَهُ: يَا جَاهِلُ؛ إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْزَلَ فَرَائِضَهُ جُمْلَةً، وَأَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا أَنْزَلَ إِلَيْهِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ((وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ))، فَأَقَامَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلا نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامَ الْبَيَانِ عَنْهُ، وَأَمَرَ الْخَلْقَ بِطَاعَتِهِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ، وَأَمَرَهُمْ بِالانْتِهَاءِ عَمَّا نَهَاهُمْ عَنْهُ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا))، ثُمَّ حَذَّرَهُمْ أَنْ يُخَالِفُوا أَمَرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ ((فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))، وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ((فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا
¥