وبعض هذه الأحاديث فيها نكارة، ولا شك أن العلة في ذلك ليست من الحسن لأنه إمام، فعلى هذا تكون من الواسطة بينهما ولذلك القول الراجح في رواية الحسن عن سمرة: الأصل أنها منقطعة، والقول بأنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة قول قوي، وقد أخرج عبد الله بن أحمد عن أبيه ثنا هشيم أخبرنا ابن عون قال: (دخلنا على الحسن فأخرج إلينا كتابا من سمرة ... ) ا. هـ من (العلل) 2/ 260 فهذا يؤيد أنها صحيفة ولم تكن سماعا، والله أعلم.
ج – ثم ينظر: هل هو يدلِّس على الإطلاق، أو دلَّس عن شيوخ بعينهم، أو إذا روى عن شيخه (فلان) فإنه لا يدلس عنه، أو أنه يدلِّس في فن معين، أو لا يدلس إلا عن ثقة؟
فإذا كان يدلس في شيوخ معينين فلا يصلح تعميمه في غيره، فمثلا: (عبد الله بن أبي نجيح) روى عن مجاهد (التفسير) وهو لم يسمعه منه،وإنما لعله دلسه، فعلى هذا لا يعمم هذا الحكم في كل رواية رواها ابن أبي نجيح عن مجاهد على أن الواسطة بينهما في رواية التفسير ثقة،فعلى هذا تكون صحيحة.
ومن ذلك: ما قاله عبد الله بن أحمد عن أبيه وقد ذكر (عطية العوفي) فقال: (هو ضعيف الحديث، بلغني أن عطية كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير وان يكنيه بأبي سعيد، فيقول: قال أبو سعيد قال أبو سعيد).
قال عبد الله: وحدثنا أبي ثنا أبو أحمد الزبيري سمعت الثوري قال: سمعت الكلبي قال: كناني عطية بأبي سعيد.
قال ابن رجب: (لكن الكلبي لا يعتمد على ما يرويه، وإن صحت هذه الحكاية عن عطية فإنما يقتضي التوقف فيما يحكه عطية عن أبي سعيد من التفسير خاصة، فأما الأحاديث المرفوعة التي يرويها عن أبي سعيد فإنما يريد أبا سعيد الخدري ويصرح في بعضها بنسبته) اهـ من (شرح العلل) ص 471.
والشاهد من هذا هو عدم تعميم هذا الحكم في كل ما رواه عطية عن أبي سعيد فيقال (لعله الكلبي) ويستدل على هذا بالقصة السابقة.ومن ذلك: أن الحفاظ ينصون أحيانا أن فلانا ليس له تدليس عن فلان أو غيره من شيوخه. ومن ذلك ما قاله البخاري عن الثوري: (ولا أعرف للثوري عن حبيب بن أبي ثابت ولا عن سلمة بن كهيل ولا عن منصور – وذكر مشايخ كثيرة – لا أعرف لسفيان عن هؤلاء تدليسا، ما أقل تدليسه) اهـ من (العلل الكبير) للترمذي 2/ 966.
ومن ذلك: إذا كان الراوي الموصوف بالتدليس مكثرا عن شيوخ معينين فالأصل في روايته أنها تحمل على الاتصال، قال الذهبي في الميزان 2/ 224 عن الأعمش: (وهو يدلس وربما دلس عن ضعيف ولا يدري به فمتى قال حدثنا فلا كلام، ومتى قال عن تطرق إليه احتمال التدليس إلا في شيوخ له أكثر عنهم كإبراهيم وأبي وائل وأبي صالح السمان فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال) ا. هـ.
د-. ثم ينظر بعد ذلك إلى القرائن الأخرى من استقامة الخبر.
فإذا وجِد في الخبر نكارة أو غرابة أو مخالفة فهذا قرينة على التدليس، ولذلك تجد أن الأئمة أحيانا إذا استنكروا شيئا ردوه بعدم ذكر السماع كما هو معلوم.
وأما إذا كان المدلس يدلس تدليس التسوية
أ-فينظر إلى تصريحه بالتحديث ببينه وبين شيخه وشيخ شيخه لأن التسوية هي إسقاط شيخ شيخه من قبل الراوي.
و قد يكون المسقط ضعيفا وهو الغالب أو لا، ينظر (النكت على ابن الصلاح) لابن حجر 2/ 621
ب – هذا النوع وهو (تدليس التسوية) من حيث الناحية العملية ليس بالكثير.
فمثلا (بقية بن الوليد) وهو ممن وصف بذلك لو فتشت عن أمثلة لهذا النوع من التدليس قد لا تجد إلا مثالا واحدا ذكره الخطيب في (الكفاية) ص 364 عن أبي حاتم الرازي، وهو في العلل 2/ 154 - 155 وذكر أيضا هذا المثال من جاء بعد الخطيب.
ولعل (الوليد بن مسلم) أكثر من يفعل ذلك كما في ترجمته، وهذا لم يثبت عنه إلا في حديث الأوزاعي خاصة.
ج _ ذكر من وصف بذلك وهم:
1 - بقية بن الوليد.
2 - الوليد بن مسلم.
3 - صفوان بن صالح (13)
4 - ومحمد بن المصفى (14)
5 - سلمان الأعمش.
6 - الثوري (15)
7 - هشيم بن بشير (16).
8 - سنيد بن داود (17).
9 - إبراهيم بن عبد اله المصيصي (18).
10 - أصحاب بقية بن الوليد (19).
وكان مالك بن أنس يفعل ذلك ولكن لم يكن يقصد التسوية، ينظر (النكت) لابن حجر على ابن الصلاح 2/ 618 - 620.ولا أعلم غير هؤلاء وصفوا بالتسوية.
وأما تدليس الشيوخ
¥