تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال أبو الفرج ابن رجب رحمه الله تعالى: (ومن ذلك ـ أعني محدثات العلوم ما أحدثه فقهاء أهل الرأي من ضوابط وقواعد عقلية ورد فروع الفقه إليها وسواء خالفت السنن أو وافقتها طردا لتلك القواعد المقررة وإن كان أصلها مما تأولوه على نصوص الكتاب والسنة، لكن بتأويلات يخالفهم غيرهم فيها. وهذا هو الذي أنكره أئمة الإسلام على من أنكروه من فقهاء الرأي في الحجاز والعراق و بالغوا في ذمه وإنكاره.فأما الأئمة وفقهاء أهل الحديث فإنهم يتبعون الحديث الصحيح حيث كان إذا كان معمولا به عند الصحابة ومن بعدهم أو عند طائفة منهم، فأما ما اتفق السلف على تركه فلا يجوز العمل به .. ) اهـ (من فضل علم اسلف على الخلف).

ومن ذلك ما حصل في علم أصول الفقه من سلوك طريقة المتكلمين وإدخال علم الكلام المذموم في أصول الفقه.

قال أبو المظفر السمعاني في (قواطع الأدلة) 1/ 5 - 6: (و مازلت طول أيامي أطالع تصانيف الأصحاب في هذا الباب، وتصانيف غيرهم فرأيت أكثرهم قد قنع بظاهر من الكلام ورائق من العبارة، ولم يداخل حقيقة الأصول على ما يوافق معاني الفقه، ورأيت بعضهم قد أوغل وحلل وداخل غير أنه حاد عن محجة الفقهاء في كثير من المسائل وسلك طريقة المتكلمين الذين هم أجانب عن الفقه ومعانيه، بل لا قبيل لهم فيه ولا دبير ولا نقير ولا قطمير (ومن تشبع بما لم يعط فقد لبس ثوبي زور) .. ) اهـ.

و غير ذلك مما خالف فيه كثير من الناس طريقة السلف، ومازال أهل العلم بحمد الله تعالى ينبهون على ذلك ويدعون إلى السير على منهج السلف الصالح و لا يظن أنني عندما أدعو إلى السير على طريقة الأئمة المتقدمين في علم أصول الحديث أنني أدعو إلى عدم الأخذ بكلام من تأخر من أهل العلم و الاستفادة منهم، هذا لم أقل به ولا يقول به عاقل، ومع الأسف ظن بعض الإخوان هذا، ثم عندما ظن هذا الظن السىء و تخيل بعقله هذا الرأي الفاسد أخذ يرد بسذاجة واضحة على هذا القول حتى إنه عندما أراد أن يؤيد رأيه ضرب مثلا بأبي الفداء ابن كثير وأتى بمثال يبين فيه أن ابن كثير يستطيع أن ينقد الأخبار ويبين العلل التي تقدح في صحة الحديث.

فيا سبحان الله! هل هذا الإمام الجليل، والحافظ الكبير يحتاج إلى أن نأتي بمثال حتى يشهد له بالعلم بالحديث ومؤلفاته كلها تشهد بعلو كعبه في هذا العلم وتمكنه من صناعة الحديث حتى كأن السنة بين عينيه، حتى أن طالب العلم ليعجب من هذا العالم الجليل عندما يسوق الأخبار من كتب الحديث بأسانيدها ثم يؤلف بينها ويتشبه في هذا بمسلم ابن الحجاج وأبي عبدالرحمن النسائي هذا مع الكلام على أسانيدها ونقد متونها وهو رحمه الله تعالى من البارعين في نقد المتون، حتى أنه عندما يتكلم في باب من أبواب العلم يغنيك عن الرجوع إلى كتب كثير كما فعل عندما ساق حجة الرسول صلى الله عليه وسلم منذ خروجه من المدينة إلى مكة إلى رجوعه، ويأخذك العجب من استحضاره وقوة علمه وجلالة فضله، وهذا جزء يسير من كتابه النفيس (البداية والنهاية) الذي ذكر فيه بدء الخليقة إلى قصص الأنبياء عليه الصلاة والسلام إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى زمنه يسوق النصوص من كتاب الله ومن السنة النبوية و مما جاء عن الصحابة والتابعين وهلم جرا.

وتفسيره النفيس الذي أتى فيه بالعجب و فسر فيه القرآن بالقرآن، وبالسنة والآثار التي جاءت عن الصحابة والتابعين. فمن أنكر علم هذا الفاضل إما أن يكون إنسانا غاية في البلادة أو ممن أعمى الله بصره وبصيرته، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ومما يستغرب من هؤلاء الإخوان أنهم قالوا: لا تقولوا (مذهب المتقدمين) وهذا عجيب لأنه:

أولا: لا مشاحة في الاصطلاح.

ثانياً: أن أهل العلم استخدموا ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى النقل عنهم.

ثالثاً: أن هذا الاسم مطابق للمسمى كما هو ظاهر.

رابعاً: أي فرق بين أن يقال (مذهب المتقدمين) أو (أهل الحديث) أو (أئمة الحديث) أو نحو ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير