وإخلاصها لله عز وجل.
قد يقول قائل:هل معنى هذا أني لا أطلب العلم حتى أصحح نيتي؟
أقول: لا، أطلب العلم. وأنت في طلبك راجع نفسك وعالج نفسك في باب تصحيح النية.
فإن قال: أنا أريد أن أترك طلب العلم حتى أصحح نيتي؟
أقول: هذه حيلة شيطانية فتح لك باباً من أبواب الخير يريد أن يصرفك عن ما هو خير وأولى، ولذلك استمر في طلب العلم وعالج نفسك فإن في علمك سيهديك إن شاء الله إلى إخلاص النية لله تعالى. والسلف كانوا يقولون:"طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون العلم إلا لله".
شرف العلم
شرف العلم
ومما لا نزاع فيه أن العلوم تتفاوت في مقدار ذلك الشرف، منها الشريف والأشرف، و المهم و الأهم ,
ومهما يتصور لعلوم الفلسفة الطبيعيات و الرياضيات ولأدبيات و الصناعيات و غيرها من العلوم الكونيات – مهما يتصور لها من الشرف و الفضيلة، و المرتبة الرفيعة – فإنها لا تداني في ذلك العلم – الذي مع مشاركته لها في ترقية المدارك، و تنوير العقول – ينفرد عنها بإصلاح الأخلاق، و تحصيل السعادة الأبدية، و هو علم الدين.
مهما ترقى الإنسان في الصنائع و المعارف الكونية، و تسهيل أسباب الراحة، فان ذلك إن رفعه عن البهيمية من جهة، فانه ينزل به عنها من جهة أخرى، ما لم تتطهر أخلاقه، فيتخلق بالرأفة و الرحمة و الإيثار و العفة و التواضع و الصدق و الأمانة و العدل و الإحسان، و غيرها من الأخلاق الكريمة.
العلم والأخلاق
العلم والأخلاق
كل من كان له وقوف على الأمم والأفراد في هذا العصر، علم انه بحق انه يسمى عصر العلم، و لكنه يرى أنه مع ذلك يجب أن يسمى – بالنظر إلى تدهور الأخلاق – اسما آخر ..
النفوس الأرضية تربة من شأنها إن تنبت الأخلاق الذميمة ما لم تسق بماء الإيمان الطاهر، و تشرق عليها شمس العلم الديني الصحيح، و تهب عليها رياح التذكير الحكيم,
فأي أرض أمحلت من ذلك الماء، و حجب عنها شعاع تلك الشمس، و سدت عنها طرق تلك الرياح، كان نباتها كما قال الملائكة عليهم السلام {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء}. [البقرة:30].
أهل الحديث
أهل الحديث
هم أهل السنة والجماعة , وهم السلف رضي الله عنهم , ويرمز إليهم لأنهم رأس الناس , وسلفهم في كل خير , ومن تبعهم ونحا نحوهم؛ كان منهم وهو معهم؛ إذ لا ينفصل الجسد عن الرأس , ولعلّ أخصّ أوصاف أهل الحديث , أنهم يحتجّون بفهم سلف الأمّة؛ الصحابة , والتابعين لهم بإحسان، ويستندون في ذلك إلى قوله تعالى: {وَمَنْ يُشاَقِقِ الرّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَاتَبَيّنَ لَهُ الهُدَى وَيَتّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَاتَوَلّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسآءتْ مَصِيراً} [النساء: 115]
فقد عد سبحانه اتباع غير سبيل المؤمنين - الصحابة ومن نحا نحوهم - ممن تولاه الله ما تولى , ومأواه جهنم , وساءت مصيرا.
والمقصود بالمؤمنين , هم: الصحابة , ومن سار على هديهم , وتبعهم إلى قيام الساعة , ومن أولى بهذا من أهل الحديث والأثر.
عَنْ ثَوْبَانَ , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ , لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ , حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ , وَهُمْ كَذَلِكَ. (6)
قال يزيد بن هارون رحمه الله , شارحاً الحديث: (إن لم يكونوا أصحاب الحديث، فلا أدري من هم؟) (7)، وقال بمثله الإمام أحمد أيضاً (8)، وعلي بن المديني ورواه البخاري (9).
قال الشافعي رحمه الله:
إذا رأيت رجلاً من أصحابِ الحديث , فكأني رأيتُ رجلاً من أصحابِ النبي صلى الله عليه وسلم , جزاهم اللهُ خيراً , هم حفظوا لنا الأصل , فلهم علينا الفضل. (10)
وقال: عليكم بأصحاب الحديث , فإنهم أكثر الناس صواباً. (11)
وعن يزيد بن هارون , قال: قلت لحماد بن زيد: هل ذكر الله أصحاب الحديث في القرآن قال: نعم , الله يقول: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)} [سورة التوبة: 122] (12)
¥