وَسَلَّمَ؟! فَرَجَعْنَا , فَلَا وَاللَّهِ مَا خَرَجَ مِنَّا غَيْرُ رَجُلٍ وَاحِدٍ. (14)
قال عبد الحق الإشبيلي: أراد بالرأي الذي شغفه من رأي الخوارج , تكذيبهم بالشفاعة , وقولهم إنه من دخل النار من المذنبين فلن يخرج منها.
وكذلك من تبعهم وسار على نهجهم؛ كان لهم الفضل , والسبق في تقويم من اعوج وإصلاح من تلف.
فهذا سفيان الثوري وفقه الله إلى السنة عن طريق أيوب السختياني.
قال رحمه الله: كانت الخشبية (15) قد أفسدوني ,حتى أنقذني الله بأربعة لم أر مثلهم: أيوب و يونس و ابن عون وسليمان التيمي , الذين يرون أنه لا يحسن أن يُعصى الله. (16)
وكذلك هو رحمه الله كان له فضلٌ ومنة على طُلَّابهِ في اتباع عقيدة السَّلف، فقد كان سبباً في إنقاذ الإمام يوسف بن أسباط من ضلالتينِ!! القدر والرفض، وظلّ بعد ملازما لسفيان كظله 0
قال يوسف بن أسباط: كان أبي قَدَرياً، وأخوالي روافض، فأنقذني الله تعالى بسفيان. (17)
وعبد الله ابن وهب: لولا مالك بن أنس لضللت عن الطريق. (18)
قال الحاكم (19) عن موسى بن هارون قال سمعت أحمد بن حنبل يقول وسئل عن معنى هذا الحديث [لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ] فقال إن لم تكن هذه الطائفة المنصورة أصحاب الحديث فلا أدري من هم , قال الإمام أبو عبد الله الحاكم تعقيباً على كلام الإمام أحمد: وفي مثل هذا قيل من أمر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحق فلقد أحسن أحمد بن حنبل في تفسير هذا الخبر أن الطائفة المنصورة التي يرفع الخذلان عنهم إلى قيام الساعة هم أصحاب الحديث , ومن أحق بهذا التأويل من قوم سلكوا محجة الصالحين , واتبعوا آثار السلف من الماضين , ودمغوا أهل البدع والمخالفين بسنن رسول الله صلى الله عليه وعلى اله أجمعين من قوم آثروا قطع المفاوز والقفار , على التنعم في الدمن والأوطار , وتنعموا بالبؤس في الأسفار مع مساكنة العلم والأخبار , وقنعوا عند جمع الأحاديث والآثار بوجود الكسر والأطمار , قد رفضوا الإلحاد الذي تتوق إليه النفوس الشهوانية , وتوابع ذلك من البدع والأهواء والمقاييس والآراء والزيغ , جعلوا المساجد بيوتهم , وأساطينها تكاهم , وبواريها فرشهم , قال حفص بن غياث وقيل له ألا تنظر إلى أصحاب الحديث وما هم فيه؟! قال هم خير أهل الدنيا , وعن أبي بكر بن عياش قال إني لأرجو أن يكون أصحاب الحديث خير الناس يقيم أحدهم ببابي وقد كتب عني , فلو شاء أن يرجع ويقول: حدثني أبو بكر جميع حديثه فعل إلا أنهم لا يكذبون , قال أبو عبد الله: ولقد صدقا جميعا إن أصحاب الحديث خير الناس , وكيف لا يكونون كذلك , وقد نبذوا الدنيا بأسرها وراءهم , وجعلوا غذاءهم الكتابة , وسمرهم المعارضة واسترواحهم المذاكرة , وخلوقهم المداد ونومهم السهاد , واصطلاءهم الضياء , وتوسدهم الحصى , فالشدائد مع وجود الأسانيد العالية عندهم رخاء , ووجود الرخاء مع فقد ما طلبوه عندهم بؤس , فعقولهم بلذاذة السنة غامرة , وقلوبهم بالرضاء في الأحوال عامرة , تعلم السنن سرورهم , ومجالس العلم حبورهم , وأهل السنة قاطبة إخوانهم , وأهل الإلحاد والبدع بأسرها أعداؤهم.أهـ
وعن يزيد بن هارون قال: قلت لحماد بن زيد هل ذكر الله أصحاب الحديث في القرآن قال: بلى , الله يقول: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (122)} [سورة التوبة: 122] (20)
قال الخليفة المأمون: ما بقي من لذة الدنيا لذة إلا نلتها؛ إلا قول المستملي من ذكرت -يعن سماع الحديث - فاجتمع من في الدار من الخدم والأولياء واتخذوا دفاتر ومحابر وحدثهم بتسعة أحاديث فلما فرغ قال: ما ألذه لو كان في أهله. (21)
تابع المزيد
http://www.salahmera.com/modules.php?name=Tutoriaux&rop=tutoriaux&did=26