[بحث في بيان الواسطة بين بعض الرواة:]
ـ[أبو عمر المنصوري]ــــــــ[30 - 09 - 05, 05:05 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أول مشاركة لي وهي بحث في بيان الواسطة بين بعض الرواة:
* رواية عامر بن شراحيل الشعبي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:
فقد ثبت سماع الشعبي من جابر رضي الله عنه في غير حديث أذكر منها:
ما أخرجه البخاري في الشروط (2718)، ومسلم في المساقاة (715) (109) وفيه:"حدثني جابر".
وما أخرجه البخاري في "النكاح" (5108) وفيه:"عن الشعبي سمع جابرًا رضي الله عنه".
ولكن ذكر أبو حاتم في ترجمة سليمان بن قيس اليشكري أن أكثر ما يرويه الشعبي عن جابر رضي الله عنه إنما أخذه الشعبي من صحيفة سليمان بن قيس اليشكري عن جابر رضي الله عنه، ففي "الجرح والتعديل" (4/ 136) قال ابن أبي حاتم سمعت أبي يقول:"جالس سليمان اليشكري جابرًا فسمع منه وكتب عنه صحيفة فتوفى وبقيت الصحيفة عند امرأته فروى أبو الزبير، وأبو سفيان، والشعبي عن جابر وهم قد سمعوا من جابر وأكثره من الصحيفة، وكذلك قتادة". ولكن يعكر عليه تصريح الشعبي نفسه أنه سمع من جابر ما حدث به عنه فقد أخرج البخاري في "التاريخ الكبير" (6/ 451):قال: إبراهيم بن موسى أخبرنا ابن أبي زائدة أخبرنا عاصم: عرضنا على الشعبي صحيفة جابر أو صحيفة فيها حديث جابر فقال:"ما من شيء إلا سمعته من جابر، ولوددت أنكم انقلبتم منه كفافًا".
وشيخ البخاري هو إبراهيم بن موسى بن يزيد التميمي، أبو إسحاق الفراء الرازي، يلقب الصغير،"ثقة حافظ" كما في "التقريب"، وابن أبي زائدة، هو يحيى بن زكريا، "ثقة متقن" كما في "التقريب"، وعاصم هو ابن سليمان الأحول "ثقة" كما في "التقريب".
فهذا إسناد صحيح رجاله ثقات، ولا يضر قول البخاري قال: إبراهيم بن موسى، فهو محمول على السماع في الغالب. فهذا النص يفيد سماع الشعبي من جابر رضي الله عنه فيما حدث به عنه لا كما قال أبو حاتم:"وهم قد سمعوا من جابر وأكثره من الصحيفة". ثم على قول أبي حاتم إنه كانت لديه صحيفة سليمان اليشكري عن جابر رضي الله عنه يروى منها فهذا لا يضر لأنه تحمل عن طريق وجادة صحيحة والوجادة أحد وجوه التحمل. والله أعلم. على أن القول بسماع الشعبي من جابر رضي الله عنه بما حدث به عنه كما أخبر عن نفسه هو المعتمد خلافًا لقول أبي حاتم. والله أعلم.
تنبيهان:
الأول: على ما ذهب إليه العلامة عبد الرحمن المعلمي -رحمه الله- في كتابه:"الأنوار الكاشفة" (ص/62) أن أكثر ما يرويه الشعبي عن جابر رضي الله عنه من صحيفة اليشكري على قول أبي حاتم، ثم قال:"وهذا تدليس". على اعتبار أن الشعبي قد لقي جابر رضي الله عنه وأخذ عنه، ثم روى عنه ما لم يسمعه منه، وإنما تحمله عنه بواسطة الصحيفة، وقال في (ص/124):"وأحاديث الشعبي عن جابر أكثرها لم يسمعه الشعبي عن جابر". فإنه متعقب بما علمنا من أن المعتمد هو قول الشعبي:"ما من شيء إلا سمعته من جابر". ولعله لم يستحضر هذا النص عن الشعبي، على أن الوصف بالتدليس يندفع للعلم بالواسطة والواسطة هنا على قول إنها صحيفة اليشكري كما قال أبو حاتم، وهي وجادة اجتمعت فيها شروط القبول. والله أعلم.
الثاني: على قول أبي إسحاق الحويني -حفظه الله- في تحقيقه على "مسند سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه" للبزار (ص/228):"ولكن عامرًا وهو ابن شراحيل الشعبي قالوا: إنه كان يدلس".
والسؤال من هم الذين قالوا:" إنه كان يدلس"!! فهذا العلامة المعلمي مع سعة اطلاعه قال في "الأنوار الكاشفة" (ص/62):"والشعبي لم يذكر في طبقات المدلسين". ولعل الحويني -حفظه الله- غفل عما سبق وقرره في كتابه:"جنة المرتاب" (ص/243) حيث قال:"قلت: ولا أعرف الشعبي بتدليس، قال ابن معين: إذا حدث عن رجل فسماه، فهو ثقة يحتج بحديثه. ولا يؤخذ من عبارته أنه يتهمه بتدليس، فضلاً عن ثبوته عليه". قلت: ولعل الحويني -حفظه الله- أراد:"كان يرسل" فتحرف إلى:"كان يدلس". لأن الشعبي أرسل عن عددٍ من الصحابة رضي الله عنهم. انظر: "جامع التحصيل" (ص/204).والله أعلم.
* رواية طلحة بن نافع، أبو سفيان الواسطي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:
¥