تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأخرج الحاكم في "معرفة علوم الحديث" (ص/103 - 104) عن علي بن المديني قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول:"كان شعبة يرى أحاديث أبي سفيان عن جابر إنما هو كتاب سليمان اليشكري". قال: قلت لعبد الرحمن: سمعته من شعبة؟ قال: أو بلغني عنه. وذكر أبو حاتم في ترجمة سليمان بن قيس اليشكري أن أكثر ما يرويه طلحة بن نافع عن جابر رضي الله عنه إنما أخذه طلحة من صحيفة سليمان بن قيس اليشكري عن جابر رضي الله عنه، ففي "الجرح والتعديل" (4/ 136) قال ابن أبي حاتم سمعت أبي يقول:"جالس سليمان اليشكري جابرًا فسمع منه وكتب عنه صحيفة فتوفى وبقيت الصحيفة عند امرأته فروى أبو الزبير، وأبو سفيان، والشعبي عن جابر وهم قد سمعوا من جابر وأكثره من الصحيفة، وكذلك قتادة". وفي المراسيل قال ابن أبي حاتم (ص/89) أيضًا: قال أبي:"ويقال: إن أبا سفيان أخذ صحيفة جابر عن سليمان اليشكري".

وعلى هذا: فإن أبا سفيان سمع من جابر رضي الله عنه كما قال الإمام مسلم، وأبو حاتم، وقدر شعبة وغيره ما سمعه من جابر رضي الله عنه بأربعة أحاديث- وقد تكون أكثر من ذلك- وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه أحاديث صرح فيهما طلحة بالسماع من جابر رضي الله عنه: في الإيمان رقم (82)، وفي الأشربة رقم (2052)، وفي السلام رقم (2207) (74)، كما أنه قد ثبت مجاورته لجابر رضي الله عنه فيما قاله عن نفسه، قال البخاري في "التاريخ الكبير" (4/ 346): نا مسدد، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان:"جاورت جابرًا ستة أشهر بمكة". وقال البخاري أيضًا: قال علي، سمعت عبد الرحمن، قال لي هشيم، عن أبي العلاء أيوب قال: أبو سفيان:"كنت أحفظ وكان سليمان اليشكري يكتب-يعني عن جابر-". وعلي شيخ البخاري هو ابن المديني، وعبد الرحمن هو ابن مهدي، وهشيم هو بن بشير، مدلس وقد عنعنه، وأبو العلاء هو أيوب بن أبي مسكين، ويقال: ابن مسكين، قال في التقريب:"صدوق له أوهام". وقد يتسامح في إسناد مثل هذا الأثر على النحو المذكور في رجاله، والله أعلم. فإن قوله "كنت أحفظ"يعني عن جابر رضي الله عنه لأنه في مقابل قوله:"وكان سليمان اليشكري يكتب-يعني عن جابر-" فإنه يدل على أن أبا سفيان وسليمان تلقيا عن جابر. فهذا النص والذي قبله من جملة ما يستدل به على إثبات لقاء طلحة لجابر رضي الله عنه وسماعه منه، وقد ذهب الحافظ ابن رجب في "شرح علل الترمذي" (2/ 743) إلى أن البخاري أثبت سماع أبي سفيان من جابر بروايته لهذين النصين حيث قال:"وأثبت البخاري سماع أبي سفيان من جابر، وقال في تاريخه: قال لنا مسدد ... ، قال وقال علي ... " وذكرهما. على أن إثبات سماعه من جابر ? في الجملة لا يتعارض مع أنه كانت لديه صحيفة لجابر رضي الله عنه يروي منها كما أخبر سفيان وغيره فظهرت الواسطة بينه وبين جابر رضي الله عنه فيما لم يسمعه منه بأنها وجادة [وقد يقال: إن الصحيفة التي يروها أبو سفيان عن جابر-رضي الله عنه- هي صحيفة كتبها أبو سفيان مما سمعه من حديث جابر وليست وجادة. وهذا لم يظهر لي بعد. والله أعلم]، اجتمعت فيها شروط القبول لشهرتها عنه، فترجح قبولها. وقد قال أبو زرعة الرازي: "طلحة بن نافع عن عمر مرسل، وهو عن جابر أصح". المراسيل لابن أبي حاتم (ص/98).والله أعلم.

ولا يعكر على القول بالاحتجاج برواية طلحة بن نافع عن جابر ذكر طلحة بالتدليس قال الحافظ ابن حجر في "تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس" (ص/136):"وصفه بذلك الدارقطني وغيره". والذي وقع لطلحة أنه روى عمن لقيه وسمع منه فروى عنه ما سمع منه وما لم يسمعه رواه عنه بواسطة صحيفة صحيحة، كما هو الحال مع جابر رضي الله عنه وهذا الصنيع لا ترد به العنعنة لمعرفة الواسطة. والله أعلم. أما الحافظ ابن حجر فقد عده في الطبقة الثالثة من المدلسين وهي عنده كما قال في مقدمة "تعريف أهل التقديس" (ص/63): "من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع".وفيه نظر ولما شرعت في بيان ذلك وقفت على ما كتبه الشيخ الفاضل حاتم الشريف -حفظه الله- في تحقيقه على "أحاديث الشيوخ الثقات" لقاضي المارستان (2/ 632 - 633)،عند تعقبه على صنيع الحافظ ابن حجر المذكور فوجدته على وفق ما كنت أشرع فيه، فرأيت من بركة العلم أن أنقل ما كتبه الشيخ الفاضل مكتفيًا به فقال -حفظه الله-:"لكن ذكر طلحة بن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير