وقد جعلت في كتابي هذا نماذج مما حشى السقاف به كتابه من الجهل وعدم الدراية, فيقف المنصف من خلال كتابي -ان شاء الله- على ضلالات السقاف وتحريفاته.
وليعلم الأخ القارئ أني قد تركت مثل الذي كتبت, ولولا أن المقصود يحصل مما ستقرأ لأتيت على كل ما كتب على التفصيل, لكن الوقت أثمن من إضاعته في النظر في مثل هذه الكتب السقافية المظلمة.
ولولا أن أهل الزيغ رفعوا عقيرتهم, واتهموا أهل الحق بالطغيان, ونبزوا وطعنوا بلا هوادة -وهم بالطعن أولى- لكان عدم الرد عليهم هو الرد إلا أن أمرهم استفحل فلزم مثل هذا الكتاب ليكون الحق فيه دامغا لباطل المبتدعة.
وقد نظرت في أقوال القوم وأحوالهم فوجدت الأمر عندهم لعبة يقضون أوقاتهم فيها وشهوات يشبعون غرورها.
وكان بعض إخواننا تملقوهم (1) يرشدونهم وينصحون لهم فواجهوهم بالملق (2) واستمروا على ما كانوا يرتعون به من التكفير والتضليل, حتى قال صاحب"التناقضات": "لم أكفر ابن تيمية إلا لأعرف تلامذته أنه ليس بمعصوم" (3).
فانظر رحمك الله إلى غاية علمهم وجل جهدهم وقمة مطلوبهم, ومع كل هذا جعلوا السباب سبيلا لهم, والطعن والتحريف والتزييف طريقاً للوصول إلى هدفهم, فكان مثلهم كالرجل الذي بال في زمزم فاجتمع عليه الناس ليقتلوه فقال رجل حكيم منهم: يا هذا لم فعلت ذلك؟ فقال: أحببت أن يذكرني الناس ولو بالشتائم.
ولا أرى السقاف وأشباهه إلا كهذا الرجل, ولذا فإنا نذكرهم جميعا بتقوى الله تعالى وأنهم مجموعون ليوم لا ريب فيه كما قال تعالى حكاية عن المجرمين: ? مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا? [الكهف: 49].
ورحم الله من قال:
وما من كاتب إلا سيفنى ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بخطك غير شئ يسرُّك في القيامة أن تراه
وكتبه
أبو أحمد
شاكر توفيق العاروري
1413 هـ / 1992م
تحريف كلام الشيخ وبتره:
الوقفة الأولى:
قال صاحب "التناقضات" (ص:41):"قال الألباني في كتابه الفذ "غاية المرام" (ص:35) منتقصاً الحافظ الذهبي ما نصه:
"قلت: فلم إذن وافق الحاكم على تصحيح إسناده وكم له من مثل هذه الموافقات الصادرة عن قلة نظر وتحقيق"" أ. هـ.
قلت: لقد بتر السقاف كلام الشيخ من أوله، وبداية كلام الشيخ: "قال الذهبي في "الميزان": وعبد الله هذا وإن كان وثق ففيه جهالة. قلت: فلم إذن…".
وقد حذف صاحب "التناقضات" هذا الكلام ليظهر للقارئ حسن نيته في كتابه وليس كذلك, وقد تجاهل أو جهل هذا الرجل بأن حذف كلام الشيخ يؤدي إلى ضياع الفائدة العلمية فيه بل ويمكن أن يبنى عليه أكثر مما أظهره السقاف بسبب جهله:
وأهمّه أنَّ الذهبي رحمه الله تعالى قد تساهل في تعقُّبه على الحاكم في "مستدركه" ولم يكن قد سدد النظر في الحكم على الرجال كما هو الحال في "ميزان الاعتدال" وغيره من كتبه فيلزم التنبيه على بعض أوهام موافقاته للحاكم وهذا منها.
ووجه التحريف أن السقاف حمل كلام الشيخ على غير مجمله, ووضعه في غير موضعه, فزعم أن الشيخ يطعن في علم الإمام الذهبي وينتقصه ويجهله, ولا أدل من رد هذا الافتراء اعتماد الشيخ على قول الذهبي في عامة كتبه واحتجاجه فيما أصاب فيه.
فإن قيل: إن المراد إظهار قساوة الألفاظ من الشيخ على أهل العلم.
قلت: إن هذا أمر لا يضير أحدا ولا ينقص علمه؛ فإن أهل العلم ما زال بعضهم-أحيانا- يقسو على بعض الألفاظ , من ذلك: ما كان بين السخاوي والسيوطي؛ كما في مقدمة "التدريب" (ص:20).
وقال ابن أبي ذئب في الإمام مالك: "يُستتاب وإلا ضربت عنقه"- كما في "العلل" للإمام أحمد (ا/227).
ولا يخفى ما كان بين الإمام العز بن عبد السلام والإمام ابن الصلاح في صلاة الرغائب, وغير هذا كثير.
وكلام الشيخ دون كلامهم في القسوة وأهون وأيسر, وما يقال فيهم يقال في الشيخ, ومن ثم ما سمعنا أحدا يسقط علم هؤلاء الأعلام لمجرد وقوعه في خطأ ما, فقد نصر أهل العلم قول العز بن عبد السلام وخطؤوا ابن الصلاح, وكذا تأولوا قول الإمام مالك فأخذوا بالحديث ولم يجعلوا كلامهم في بعضهم المراد منه الطعن فيهم, وإسقاط علومهم.
ومثل ما قلناه هنا نقوله في الذي يليه, وهو:
الوقفة الثانية:
¥