تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

17 - من كان لا يروي إلا عن ثقة فلا يلزم من ذلك أنه لا يكتب إلا عن ثقة، لأن هؤلاء المحتاطين كانوا يكتبون من أجل الاحتجاج أو الاستشهاد أو الاعتبار أو التفتيش، أو لعدم معرفة حال الراوي مع قيام الاحتمال عندهم على أن يتبين بعد النظر والسؤال أنه ثقة أو صدوق أو ممن يكتب حديثه عندهم.

قال ابن رجب في شرح علل الترمذي (1/ 381): «وذكر العقيلي بإسناد له عن الثوري قال: إني لأروي الحديث على ثلاثة أوجه: أسمع الحديث من الرجل وأتخذه ديناً، وأسمع الحديث من الرجل أوقف حديثه، وأسمع الحديث من الرجل لا أعبأ بحديثه وأحب معرفته».

18 - بعض من كان لا يروي إلا عن ثقة كان ربما روى حديثاً واحداً أو شيئاً يسيراً من الأخبار الموقوفة ونحوها عن بعض الضعفاء الذين عرف ضعفهم واشتهر كلام الناس فيهم؛ قال الحافظ ابن عبد الهادي في (الصارم المنكي) (ص89 - 90): «إن الغالب على طريقة شعبة الرواية عن الثقات، وقد يروي عن جماعة من الضعفاء الذين اشتهر جرحهم والكلام فيهم الكلمة والشيء والحديث وأكثر من ذلك».

19 - من كان من النقاد متشدداً، فليس في تشدده دلالة على أنه لا يروي إلا عن ثقة، وقد توهم ذلك بعض من تكلم في هذا الموضوع وهو استدلال غريب لا وجه له.

20 - رواية الثقة أو الثقات عن رجل ليست تعديلاً له، ومن ادعى أنها تعديل فقد أخطأ خطأً بيناً بعيداً.

وربما استدل بعضهم بنحو قول ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (1/ 1/36): «سألت أبي عن رواية الثقات عن رجل غير ثقة [أي لم يثبت أنه ثقة] مما يقويه؟ قال: إذا كان معروفاً بالضعف لم تقوه روايته عنه، وإذا كان مجهولاً نفعه رواية الثقة عنه».

وقال ابن أبي حاتم هناك أيضاً: «سألت أبا زرعة عن رواية الثقات عن رجل مما يقوي حديثه؟ قال: إي لعمري، قلت: الكلبي روى عنه الثوري! قال: إنما ذلك إذا لم يتكلم فيه العلماء، وكان الكلبي يتكلم فيه».

وأقول: لا يستقيم حمل هذا الكلام على ظاهره فلم يزل الأئمة، ومنهم الرازيان، يجهّلون الرواة الذين لا يعرفون بضعف ولا قوة ولو روى عنهم جمع من الرواة؛ قال السخاوي في (فتح المغيث) (1/ 319 - 320) بعد كلام له:

«على أن قول أبي حاتم في الرجل انه مجهول لا يريد به أنه لم يرو عنه سوى واحد، بدليل أنه قال في داود بن يزيد الثقفي: (مجهول) مع أنه قد روى عنه جماعة، ولذا قال الذهبي عقبه: هذا القول يوضح لك أن الرجل قد يكون مجهولاً عند أبي حاتم ولو روى عنه جماعة ثقات، يعني أنه مجهول الحال، وقد قال في عبد الرحيم بن كرم بعد أن عرَّفه برواية جماعة عنه انه مجهول، ونحوه قوله في زياد بن جارية التميمي الدمشقي: [شيخ مجهول] مع أنه قيل في زياد هذا انه صحابي».

وقد قال أبو حاتم: (مجهول) في راو روى عنه تسعة ووثقه ابن معين، انظر ترجمته في تحرير التقريب (2/ 125)، وانظر أيضاً التحرير (3/ 10 - 11و45و310و315و336) وترجمة عيسى بن أبي رزين منه. وانظر تراجم احمد بن عاصم البلخي وبيان بن عمرو والحسين بن الحسن بن بشار والحكم بن عبد الله وعباس بن الحسين القنطري ومحمد بن الحكم المروزي في الفصل التاسع من (مقدمة الفتح)، وانظر (الجرح والتعديل) (1/ 2/527) و (تهذيب التهذيب) (2/ 255) و (نكت ابن حجر) (1/ 426).

وخلاصة الكلام وغايته أن كلمتي أبي حاتم وأبي زرعة لا تحملان على إطلاقهما، فلعلهما أرادا برواية الثقات رواية الأئمة النقاد أو رواية متثبتي الرواة، ولعلهما كانا مع ذلك يشترطان في الرجل شروطاً مثل أن لا يغرب أو يتفرد بما لا يحتمله شأنه ونحو ذلك.

وسواء صح هذا أو لم يصح، فإن الصحيح الذي أقطع به هو أن كلام الرازيين هذا من المتشابه الذي ينبغي أن يرد إلى المحكم المعروف الذي جرى عليه عملهما في كلامهما في الرواة، وما أكثره، ويؤيده أيضاً ما جرى عليه عمل المحققين من المحدثين، والله أعلم.

************************************************** **************************************************

هذا ما تيسر ذكره من قواعد وضوابط وتنبيهات هذا الباب، وإتماماً للفائدة أسرد هنا أسماء من وقفت عليهم ممن ادُّعِيَ فيهم أنهم لا يروون إلا عن ثقة، أو نحو هذا المعنى:

1 - ابراهيم بن موسى بن يزيد التميمي الرازي

2 - ابراهيم بن يزيد النخعي

3 - أحمد بن حنبل الشيباني

4 - إسماعيل بن أبي خالد الأحمسي

5 - أيوب السختياني

6 - بقي بن مخلد

7 - بكير بن عبد الله بن الأشج

8 - حريز بن عثمان

9 - الحسن بن سفيان

10 - الحسن بن يسار البصري

11 - سعيد بن المسيب

12 - سليمان بن حرب

13 - شعبة بن الحجاج

14 - عبد الله بن أحمد بن حنبل

15 - عبد الرحمن بن مهدي

16 - علي بن المديني

17 - مالك بن أنس

18 - محمد بن جحادة الكوفي

19 - محمد بن سيرين

20 - محمد بن وضاح

21 - محمد بن الوليد بن عامر

22 - مظفر بن مدرك

23 - منصور بن سلمة الخزاعي

24 - منصور بن المعتمر

25 - موسى بن هارون الحمال

26 - الهيثم بن جميل

27 - وهيب بن خالد بن عجلان

28 - يحيى بن سعيد القطان

29 - يحيى بن أبي كثير

30 - يعقوب بن سفيان الفارسي

31 - أبو حاتم الرازي

32 - أبو داود السجستاني

33 - أبو زرعة الرازي

34 - ابن أبي ذئب: محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة المدني

35 - البخاري: محمد بن إسماعيل

36 - الشعبي: عامر بن شراحيل

37 - النسائي: أحمد بن شعيب

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير