تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[09 - 11 - 05, 05:03 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الحبيب سيف حفظه الله ونفع به ورفع درجته آمين:

أخي الحبيب لقد كان كلامك واضحا وكان العوز مني في التأني وما كان من عجلة القاريء وغلبة الظن من أول وهلة.

وإني ذاكر ما بدالي في هذه المسألة دون تتبع لما جرى خارج الموضع منكم و من الأخ الحبيب محمد خلف نفع الله به

إذ إن المرء يوافق أخاه في أمور ويخالفه في أخرى ولما لم يكن موضع الخلاف في موضع البحث هنا فيما بدا لي تركته.

وسأكتفي بقولك حفظك الله (فأنا أرى قبول العنعنة من المدلس حتى يتبين لي تدليسه في حديث بعينه وكان سؤالي هل أقبل مثلا عنعنة الأعمش في كل شيوخه ام عن المكثر هو عنهم فقط.فبت انت تنازعني في مسألة قبول عنعنة المدلس على الاطلاق سواء أكثر او لم يكثر (او هكذا خيل لي)).

قلت: الجزء الأول من قولك فيه نظر.

وذلك أن أهل العلم لم يقبلوا حديث المدلس بإطلاق إلا على باب من أبواب الاحتاج بالمراسيل والراجح الذي عليه عامة أهل العلم أن رواية المدلس لا تقبل إلا إذا صرح بالتحديث كما قال أبو عبد الله الحاكم في معرفة علوم الحديث: 0 في هذه الآية دليل على أن العلم المحتج به هو المسموع دون المرسل).

وقال العلائي في جامع التحصيل (والصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم من أئمة الحديث ... الاحتجاج بما رواه المدلس الثقة مما صرح فيه في السماع دون ما رووا بلفظ محتمل).

وهذا الكلام فيه بيان عدم التفريق بين المكثر وغير المكثر على حد سواء وكذا قال ابن عبد البر: فيما نقله العراقي في التقيد: المدلس لايقبل حديثه حتى يقول حدثنا أو سمعت فهذا ما لا أعلم فيه خلاف

ولما قسم أبو عبد الله المدلسين إلى ستة أقسام فجعل في الأول: (التابعون الذين لا يدلسون إلا عن ثقة كأبي سفيان طلحة بن نافع وقتادة ... .

وقال في الجنس الخامس من التدليس:

قوم دلسوا عن قوم سمعوا منهم الكثير وربما فاتهم الشي الشيء عنهم فيدلسونه:

.... يحيى بن سعيد يقول حدثنا صالح بن أبي الأخضر قال حدثني منه قرأت على الزهري ومنه ما سمت ومنه ما وجدت في كتاب ولست أفضل ذا من ذا. .

فهو قد جعل كل هذا تحت حكم التدليس غير أنه لم يجعلهم ولا غيره بمنزلة واحدة وقد ميز هذا بالترتيب العلائي رحمه الله لما قال في جامع التحصيل: (113) (بل هم طبقات:

أولهما من لم يوصف بذلك إلا نادرا جدا بحيث أنه لا ينبغي أن يعد فيهم كيحيى بن سعيد الأنصاري وهشام بن عروة وموسى بن عقبة.

وثانيهما: من احتمل الأئمة تدليسه في جنب ما روى أو لأنه لا يدلس إلا عن ثقة وذلك كالزهري وسليمان الأعمش وإبراهيم النخعي ....

ثالثا من توقف فيهم جماعة فلم يحتجوا بهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع وقبله لآخرون كالطبقة التي قبلها لأحد الاسباب المتقدمة كالحسن وقتادة وأبي إسحاق.

ورابعها من اتفقوا على أنه لايحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع ... ).وهذا البيان يبين أن رواية المدلسين أقسام فليس كل مدلس تقبل روايته حتى يتبين العكس إذ يفضي هذا إلى قبول رواية من لا تصح روايته ولهذا قال العلائي في جامع التحصيل (100) (والذي ينبغي أن ينزل قول من جعل التدليس مقتضيا لجرح فاعله على من أكثر التدليس عن الضعفاء وأسقط ذكرهم تغطية لحالهم وكذلك من دلس اسم الضعيف حتى لا يعرف كما سيأتي ولهذا ترك جماعة من الأئمة كأبي حاتم الرازي وابن خزيمة وغيرهما الاحتجاج ببقية مطلقا قال ابن حبان سمع بقية من شعبة ومالك وغيرهما أحاديث مستقيمة ثم سمع من أقوام كذابين عن مالك وشعبة فروى عن الثقات بالتدليس ما أخذ عن الضعفاء ولا شك في أن مثل هذا مقتض للجرح لكن الذي استقر عليه عمل الأكثرين الاحتجاج بما رواه المدلس الثقة بلفظ صريح في السماع وبهذا أجاب علي بن المديني ويحيى بن معين).

وهذا ما قرره ابن عبد البر في التمهيد: لما قال: (1\ 17) (وكذلك من عرف بالتدليس المجتمع عليه وكان من المسامحين في الأخذ عن كل أحد لم يحتج بشيء مما رواه حتى يقول أخبرنا أو سمعت هذا إن كان عدلا ثقة في نفسه).

وكذلك بين هذا عدم اعتبار طول الصحبة أو كثرة الرواية وإنما العبرة في طبقت الراوي في التدليس ولهذا قرر ابن عبد البر ذلك بقوله: (وإن كان لا يروي إلا عن ثقة استغني عن توقيفه ولم يسأل عن تدليسه) (1\ 17).

وعليه فإن الأصل في الثقة المكثر عن شيخه قبول روايته عنه وإن كان مدلسا لأن الأصل سماعه منه ولا يخرج عن هذا الأصل إلا ببينة وهو الذي عناه فيما بدا لي يحيى بن معين لما ساله يعقوب بن شيبة عن التدليس فعابه قلت: فيكون المدلس حجة فيما روى حتى يقول حدثنا أو أخبرنا فقال: لا يكون حجة فيما دلس فيه.

وعليه ينزل وعلى هذا يتنزل قول يعقوب ن سفيان الفسوي

(وحديث سفيان ـ يعني الثوري، وأبي إسحاق والأعمش ما لم يعلم أنه مدلس يقوم مقام الحجة)

وقول عبد الله بن الزبير الحميدي:

(وإن كانم رجل معروفاً بصحبة رجل والسماع منه مثل ابن جريج عن عطاء أو هشام بن عروة عن أبيه وعمرو بن دينار عن عبيد بن عمير ومن كان مثل هؤلاء في ثقتهم ممن يكون الغالب عليه السماع ممن حدث عنه فأدرك عليه أنه ادخل بينه وبين من حدث رجلاً غير مسمى أو أسقطه ترك ذلك الحديث الذي أدرك عليه فيه أنه لم يسمعه ولم يضره ذلك في غيره حتى يدرك عليه فيه مثل ما أدرك عليه في هذا فيكون مثل المقطوع)

وهو الذي مال إليه السخاوي في فتح المغيث

ولعلي أتم بعد إن شاء الله ثم بعد عصر هذا اليوم وبعد فراغي مما كتبت وقفت على الكتاب الذي ذكره الشيخ سيف حفظه الله.

فتصفحته ولي .... . ولعله يكون لي عودة.

وأخيرا: إن قبول عنعنة المدلس هكذا بإطلاق حتى يثبت أنه دلس في هذا الموضع هو من عكس القواعد ويلزم منه فض ما أصله السابقون بل وزد عليه:

أننا لو عرفنا موضع التدليس ومخرج الحديث فإنا إما أن نضيف إلى التدليس علة جديدة كرواية المدلس عن الضعفاء.

أو زوالها كرواية الثقة عن الثقات.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير