قلت: نعم ولكن بقى هنا تعيين هؤلاء وتمييزهم عن هؤلاء. فأنا مثلا لا أرد عنعنة الأعمش ولا أصيد له الألفاظ كحدثنا وأخبرنا عملا بقول الامام احمد وكذا مثله في ابي اسحاق السبيعي وسفيان عملا بقول الفسوي وكذا معهم قتادة والزهري وغيرهم من ائمة المسلمين المشهورين جدا برواية الحديث وكثرته والغالب عليهم السماع عملا بقول ابن المديني ولا يقول احد ان حديث هؤلاء غلب عليه التدليس وابن المديني نفسه ذكر هؤلاء كلهم في أثناء كلامه على مدار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل طبقة.فان كان مدار الحديث الشريف على هؤلاء النفر فأنى يقال أن التدليس غلب على السماع؟
((لا شك أن قولك (حتى يتبين لي---) معناه (حتى أعلم----).
فهل أنت تشترط - للخروج عن أصلك الذي ذكرت أنك تراه - العلم القطعي بوقوع التدليس فأخالفك - وسلفي في هذه المخالفة كل علماء العلل –؛ أو مرادك اشتراط مطلق العلم بوقوع التدليس، فأوافقك – وسلفنا في هذا المذهب كل علماء العلل -؟))
قلت: لاشك ان ما قلته ونسبته الى علماء السلف له حظ كبير من الصحة والوجاهة ولكن في امثال من؟ هل في أمثال قتادة والزهري وابي اسحاق والأعمش وسفيان؟ أم في أمثال بقية والكلبي والحجاج؟ فان كانت الثانية فلا خلاف بيني وبينك اذا لأن هذا ما اراه ايضا وقد اسلفت فيه القول آنفا. اما ان كانت الأولى فبيني وبينك كتب العلل وأقوال الائمة فاستخرج منها ما يفيد تعليل أحدهم حديث لمثل الأعمش وابي اسحاق بمجرد العنعنة ورده؟! ولكن يفعلون هذا فيمن خالف او زاد او جاء طريق آخر عنه وضح هذا التدليس وأبان الواسطة ,وأحيانا يطلبون مثل هذه العلة دفعا للنكارة الآتية من طريق الثقات. أما جعل العنعنة في حق هؤلاء علة فلا.والله أعلم
((وأما سبب مخالفتي لك - على الاحتمال الأول – هو أن حصول العلم اليقيني بوقوع التدليس أو العلم اليقيني بعدم وقوع التدليس غير ممكن إلا في أحاديث قليلة منقولة؛ فلا يصح واحد منهما أن يكون أصلاً للحكم في هذه المسألة أعني عنعنة المدلسين؛ وإنما الذي يصلح أن يكون أصلاً هو ما كان غالباً))
قلت: وكذا لي أن أقول انك ان كنت ممن يردون عنعنة أمثال الأعمش وابي اسحاق فقد جئت الى تدليسهم وجعلته اصلا وغالبا واستثنيت المسموع من رواياتهم وجعلته منحصرا! وهذا مما لا يعقل وقد سبق القول فيه
((لو وجدنا العلماء قد نصوا على كل – أو معظم – الأحاديث التي عنعنها المدلسون ودلسوها؛ [ودعني أعبر بطريقة أخرى فأقول: لو وجدنا العلماء قد نصوا على كل – أو معظم – الأحاديث التي دلسها الرواة] فحينئذ يصح أن نؤسس قاعدة متينة أو نتخذ أصلاً أصيلاً وهو ما اخترته أنت – بارك الله فيك – فنقول معك: نقبل عنعنة المدلس ما لم يتبين لنا في حديث بعينه أنه دلس فيه.
فهل توافقني على هذا التأصيل؟))
قلت: وأنا مازلت أقول ان معظم روايات هؤلاء المدلسين -محل النزاع- غالبها سماع.فما بالك كنت تقبل جعل العنعنة مقبولة اذا بينوا -معظم- الأحاديث المدلسة للراوي ولا تقبل ذلك الآن على الرغم ان -معظم - روايتهم سماع والتدليس قليل؟!
يأتي ردي على كلام أخي الفاضل شاكر ان شاء الله ولكن اصابني التعب الآن فعذرا
ـ[سيف 1]ــــــــ[10 - 11 - 05, 06:28 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي الحبيب شاكر توفيق جزاك الله خيرا سأتبع نفس الطريقة في الجواب على ما ذكرت وعذرا للتأخير
((أن رواية المدلس لا تقبل إلا إذا صرح بالتحديث كما قال أبو عبد الله الحاكم في معرفة علوم الحديث: 0 في هذه الآية دليل على أن العلم المحتج به هو المسموع دون المرسل)))
قلت: لا خلاف بيني وبينك في ان المرسل لا يحتج به ولم يكن الكلام عليه تأصيلا ولكأني بك أردت ان تسقط كلام الحاكم رحمه الله على عنعنة المدلس واعتبارها في حد ذاتها تفيد الانقطاع-اي الارسال- وهذا ما لا اسلم به لأن العنعنة في اصلها تفيد الاتصال عند المحدثين والغالب على المدلسين من الائمة السماع من شيوخهم وليس التدليس والحكم للغالب ولا يستوي بالطبع كل الرواه في التدليس كما اسلفت في ردي على أخينا الكريم محمد سلامة
((وقال العلائي في جامع التحصيل (والصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم من أئمة الحديث ... الاحتجاج بما رواه المدلس الثقة مما صرح فيه في السماع دون ما رووا بلفظ محتمل))
قلت: يخالفه قول ابن معين عندما سئل بنفس الصيغة هل يكون حجة فيما ((روى)) أو حتى يقول حدثنا أو أخبرنا؟ فأجاب بأنه لا يكون حجة فيما دلس ولم يشترط التصريح بالسماع كما ذكر العلائي وقول أحمد في الأعمش صريح وكذا قول الفسوي ولعلك أخي الكريم تلاحظ أنه ما كان لك ان تحتج علي بقول العلائي وتقسيمه للمدلسين لأن محل النزاع اصلا هو اثبات الخلاف بين منهجين في الحكم على روايات المدلس
((وكذا قال ابن عبد البر: فيما نقله العراقي في التقيد: المدلس لايقبل حديثه حتى يقول حدثنا أو سمعت فهذا ما لا أعلم فيه خلاف))
قلت:يخالف ما نقله هنا قول ابن عبد البر في التمهيد ((وقال بعض من يوقل بالتيمم إلى المرفقين قتادة إذا لم يقل سمعت أو حدثنا فلا حجة في نقله وهذا تعسف)) (التمهيد) 19/ 287
((فإن الأصل في الثقة المكثر عن شيخه قبول روايته عنه وإن كان مدلسا لأن الأصل سماعه منه .... وهو الذي عناه فيما بدا لي يحيى بن معين لما ساله يعقوب بن شيبة عن التدليس فعابه قلت: فيكون المدلس حجة فيما روى حتى يقول حدثنا أو أخبرنا فقال: لا يكون حجة فيما دلس فيه.
وعليه ينزل وعلى هذا يتنزل قول يعقوب ن سفيان الفسوي))
قلت: هذا تحميل لكلام ابن معين والفسوي أكثر مما يحتمل أخي الكريم فهما لم يضعا هذا القيد -اعني ان كلامهم لم يكن مقصورا عن شيوخ أكثر عنهم المدلسين- والله اعلم
¥