وإن كان فريق من جامعيها كالإمام أحمد يجتنب الأحاديث التي يعلم أنها موضوعة عمداً.
الفرق بين الجامع والسنن
الكتاب الجامع نوع من أنواع كتب السنن، فهو أخص منه؛ السنن كسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه يذكر فيها أحاديث الأحكام العملية وأبواب من العقائد وما يتعلق بها أي انها تضم أبواب السنة في الأحكام العملية والسنة في الأحكام الاعتقادية؛ وأما الجامع كجامع الترمذي، وهو المعروف أيضاً بسنن الترمذي، فيذكر فيه إضافة إلى ذلك الفضائل والتفسير وصفة الجنة وصفة النار وغير ذلك.
المصنفات
وهي كالسنن ولكنها تمتاز بالسعة والشمول وكثرة ما فيها من الآثار غير المرفوعة واشتهر منها كتابان جليلان حافلان هما مصنف عبد الرزاق بن همام الصنعاني (126 - 211 هـ) ومصنف أبي بكر بن أبي شيبة الكوفي (159 - 235هـ).
طبع الكتاب الأول لأول مرة في سنة (1392هـ) بتحقيق حبيب الرحمن الأعظمي في أحد عشر مجلداً، وبلغ عدد مروياته حسب ترقيم المحقق (21033)، ولكنه يحتوي على أحاديث مكررة كثيرة (7)؛ ثم إن المجلد الحادي عشر منه وبعض العاشر إنما هما كتاب (الجامع) لمعمر من رواية عبد الرزاق عنه.
وقد استخرج بعض الطلبة زوائد مصنف عبد الزاق على الكتب الستة فبلغ عدد الزوائد: أربعة عشر ألف حديث؛ ولكن القدر المرفوع من هذه الزوائد بحسب استقراء باحث آخر يقارب خمسها فقط والباقي آثار غير مرفوعة.
وأما مصنّف أبي بكر بن أبي شيبة فكتاب جليل حافل ماتع أثنى عليه العلماء، فوصفه ابن كثير بقوله: (المصنّف الذي لم يُصنّف أحد مثله قط، لا قبله ولا بعده) (8). ومن قبل قد قال الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام: (ربانيو الحديث أربعة: فأعلمهم بالحلال والحرام: أحمد بن حنبل، وأحسنهم سياقة للحديث وأداء: علي بن المديني، وأحسنهم وضعاً لكتاب: أبو بكر بن أبي شيبة، وأعلمهم بصحيح الحديث من سقيمه: يحيى بن معين) (9).
وقال الرامهرمزي: (وتفرد بالكوفة أبو بكر بن أبي شيبة بتكثير الأبواب وجودة الترتيب وحسن التأليف) (10).
وكل من هذين المصنفين مرتب على الأبواب العلمية أي على الموضوعات، ويحتوي على مادة طيبة، ومنها كثير من فتاوى الصحابة والتابعين وتابعيهم، وآثارهم في الزهد والعبادة والأدب (11).
وثم كتاب ثالث شبيه بهذين الكتابين من حيث طريقة التصنيف والمحتوى في الجملة؛ وهو (السنن) لسعيد بن منصور (ت227هـ) وشبهه بالأول أكثر.
ونجد كثيراً من المصنفين يسندون مروياتهم من طريق هذه الكتب الثلاثة؛ فضلاً عن كثرة العزو إليها؛ قال الدكتور سعد آل حميد في مقدمة تحقيق سنن سعيد بن منصور: (وهذا يعود لندرة محتواها وعلو أسانيدها وغير ذلك من الاعتبارات).
المسانيد
المسنَد: هو الكتاب الذي يجمع فيه مصنفه ما أسنده الصحابة أي رووه، بشروط يختارها هو، فهو اسم مفعول، وترتب فيه الأحاديث على ترتيب الصحابة.
وتقال هذه اللفظة أيضاً للكتاب الذي ألحقت فيه أسانيد أحاديثه بعد أن لم تكن مذكورة فيه، كمسند الشهاب ومسند الفردوس فإنهما في الأصل متون بلا أسانيد، ثم أُسندا من قِبل غير مؤلفيهما.
ويشبه هذا السبب سبب تسمية مستخرج أبي عوانة على صحيح مسلم: مسند أبي عوانة، فكأنه لوحظ في ذلك أنه أخذ أحاديث مسلم متوناً من غير أسانيد ثم أسندها من غير طريق مسلم، في الغالب.
هذا وقد يحصل التجوز فيسمى الكتاب المؤلف على طريقة السنن: مسنداً، كما وقع لكتاب الدارمي فإن إسمه الأقدم هو (مسند الدارمي) رغم أنه يشبه في ترتيب أبوابه كتب السنن ورغم كثرة ما فيه من آثار غير مرفوعة (12).
وأفضل المسانيد التي وصلتنا مسند الإمام أحمد، وقد طبع محققاً طبعتين: الأولى من قبل العالم البارع أحمد محمد شاكر قام فيها بتحقيق الكتاب وتخريجه وترقيم أحاديثه وشرحها ووضع فهارس علمية في نهاية كل جزء على حدة، ولكنه توفي قبل إتمام عمله، فأخرج ستة عشر جزءاً فقط، وهي تمثل ثلث الكتاب تقريباً. وهو عمل أصيل جليل كصاحبه.
ثم قامت لجنة بإشراف الشيخ شعيب الأرنؤوط بإعادة تحقيقه وتخريجه ومراجعته على بعض الأصول الخطية، وطُبع في خمسين مجلداً.
المعاجيم
المعجم يطلق على صنفين من كتب الحديث:
الصنف الأول: المسند الذي يرتب ذكر الصحابة فيه على حروف المعجم، فهذه معاجيم الرواية أو معاجيم الصحابة.
¥