وقيل إنه صنف في الجمع بين النصوص التي ظاهرها التعارض، أي مختلف الحديث أو مختلف الحديث ومشكله، كتاباً يقرب من عشرة آلاف ورقة.
وابن حزم إذا استنكر حديثاً لراوٍ ضعيف فيا ويل ذلك الحديث، يبدي له من العيوب الكثيرة وأنواع المخالفات للمنقول والمعقول ما يتعجب منه من يقف عليه؛ وهذا أثر يسير من آثار عظم ذكائه وقوة نباهته وكمال استحضاره.
*************
وابن حزم رحمه الله تعالى متساهل في تصحيح الأحاديث الشاذة والمعللة إذا وردت بأسانيد صحيحة عنده؛ وهذا من آثار ظاهريته.
ويقابل هذا من الجانب الآخر أن ابن حزم لا يذهب إلى تقوية الحديث بكثرة طرقه؛ وهذا أيضاً بسبب ظاهريته؛ فإن التقوية بمجموع الطرق هي باب من أبواب علم العلل؛ وهو العلم لا يجيزه أهل الظاهر فأغلقوا بابه؛ وهذا بخلاف كثير من المتأخرين، الذين كادوا أن يسدوا باب علم العلل المختص بأوهام الثقات؛ وفتحوا باب علم العلل المختص بتقوية أحاديث الضعفاء بطرقها، بل فتحوه على مصراعيه واستسهلوا منه ما هو صعب شديد، وخاضوا في علم لا يحسنه إلا الكبار؛ وهذا وذاك والذي قبلهما، كل هذه المسالك الثلاثة راجعة إلى الاستهانة بعلم علماء العلل، والله المستعان.
****************
وابن حزم يخالف الجمهور في أحكام عدد من المسائل المهمة كالتواتر وشروطه، وتحمل الحديث بطريقة الإجازة، والتدليس، والعمل بأقوال الصحابة بشروطها المعروفة عند الأئمة كأحمد وغيره؛ وقول الصحابي (من السنة كذا) أو (أُمرنا بكذا).
****************
ألف الكتّاب والدارسون المعاصرون في ابن حزم ومنهجه في علمه عامة أو في علم الحديث خاصة أكثر من كتاب وقد وقفت على شيء يسير منها؛ ولقد أعجبني الفصل الذي عقده لمنهج ابن حزم في نقد الأحاديث ورواتها الدكتور محمد علي قاسم العمري في كتابه (دراسات في منهج النقد عند المحدثين)؛ وهو كتاب جيد، صدرت طبعته الأولى عن دار النفائس بالأردن في (471) صفحة.
وذلك الفصل هو الخامس من فصول الكتاب (ص113 - 144)؛ وأسماه كاتبه (منهج ابن حزم في رواية الحديث ونقد الرواة)، وقد أفدت منه في بعض مسائل مبحث هذا.
انتهى المبحث؛ وعسى أن يكون لي عودة إليه لإتمامه؛ إن شاء الله ويسَّر.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[13 - 12 - 05, 02:25 م]ـ
جزاك الله خيرا
وهناك بحث للشيخ هشام الحلاَّف وفقه الله بعنوان:
منهج الإمام ابن حزم مقارنة بمنهج أئمة الحديث المتقدمين ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=6686&highlight=%CD%D2%E3)
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[13 - 12 - 05, 05:15 م]ـ
جزى الله الشيخ الفاضل خالداً - عن هذا التنبيه - خير الجزاء؛ وجزى الله الشيخ المدقق هشام الحلاف عن بحثه وفوائده خير الجزاء؛ وقد قرأت الآن هذا البحث النفيس - حقاً -؛ وأحسب أنني لو قرأته قبل نشري مقالتي هذه لما نشرتها؛ فلا يفتى ومالك في المدينة.