قال عبد الله بن الإمام أحمد كما في ترجمة عبد السلام بن حرب من (ضعفاء العقيلي) و (تهذيب الكمال) (18/ 68) عن الحسن بن عيسى: سمعت عبد الله بن المبارك وسألته عن عبد السلام بن حرب الملائي، فقال: قد عرفته؛ وكان إذا قال: قد عرفته، فقد أهلكه).
وقال عبد الله أيضاً: قال أبي: وقيل لابن المبارك في عبد السلام؟ فقال: ما تحملني رجلي إليه).
وقال مسلم في مقدمة (الصحيح) (1/ 11): (وقال محمد [يعني ابن عببد الله بن قهزاذ]: سمعت علي بن شقيق يقول: سمعت عبد الله بن المبارك يقول على رؤوس الناس: دعوا حديث عمرو بن ثابت، فإنه كان يسب السلف).
وقال مسلم (1/ 12): (وحدثني محمد بن عبد الله بن قهزاذ من أهل مرو قال: أخبرني علي بن حسين بن واقد قال: قال عبد الله بن المبارك: قلت لسفيان الثوري: إن عباد بن كثير من تعرف حاله، وإذا حدث جاء بأمر عظيم فترى أن أقول للناس: لا تأخذوا عنه؟ قال سفيان: بلى؛ قال عبد الله: فكنت إذا كنت في مجلس ذكر فيه عباد أثنيت عليه في دينه وأقول: لا تأخذوا عنه!.
وقال محمد حدثنا عبد الله بن عثمان قال: قال أبي: قال عبد الله بن المبارك: انتهيت إلى شعبة فقال: هذا عباد بن كثير فاحذروه).
وقال مسلم في مقدمة (صحيحه) (1/ 18): (حدثني أحمد بن يوسف الأزدي قال سمعت عبد الرزاق يقول: ما رأيت ابن المبارك يفصح بقوله (كذاب) إلا لعبد القدوس، فإني سمعته يقول له: كذاب).
5 - كان ابن المبارك في نقده معتدلاً بل لعله كان فيه أقرب إلى التساهل، وقد وصفه ابن حزم في (المحلى) (7/ 241) بجمود اللسان وشدة التوقي؛ ووصفه العلامة المعلمي في تعليقه على (الفوائد المجموعة) (ص214) بأنه ليس ممن يشدد يعني في نقد الرواة؛ وعبارة المعلمي هذه قد تكون مشعرة بأن ابن المبارك كان فيه شيء يسير من التساهل في الكلام على الرواة؛ والله أعلم.
6 - كان ابن المبارك لا يرضى أن يُحمل عنه شيء في المذاكرة؛ قال الذهبي في (السير) (13/ 80): (وقال احمد بن محمد بن سليمان: سمعت أبا زرعة يقول: لا تكتبوا عني بالمذاكرة، فإني أخاف أن تحملوا خطأ، هذا ابن المبارك كره أن يحمل عنه بالمذاكرة، وقال لي إبراهيم بن موسى: لا تحملوا عني بالمذاكرة شيئاً).
****************
هذا وقد عقد ابن أبي حاتم في تقدمة (الجرح والتعديل) باباً أسماه (باب ما ذكر من معرفة ابن المبارك برواة الآثار وناقلة الأخبار وكلامه فيهم) فانظره فيها (ج1 ص269 - 274) منه.
*****************
ومما اشتهر من كلمات ابن المبارك رحمه الله تعالى أنه قيل له: هذه الأحاديث المصنوعة؟ قال: تعيش لها الجهابذة.
ومن أقواله التي اشتهرت عنه: (الإسناد عندي من الدين، لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، فإذا قيل له: من حدثك؟ بقي).
أخرجه مسلم في مقدمة الصحيح وكثير من المصنفين؛ وقد جمع طرق هذا الخبر عدد من المعاصرين، ومنهم من افرده بالتصنيف.
*****************
ومن أقواله المهمة قوله (حديث أهل المدينة أصح وإسنادهم أقرب)؛ ذكره السيوطي في (التدريب) (1/ 85).
وقوله (ما رأيت رجلاً أطعن في الرجال من شعبة)؛ رواه عنه أبو زرعة في (الضعفاء) (ص618).
******************
وهذه جملة الآثار التي رواها عن ابن المبارك رحمه الله الإمامُ مسلم رحمه الله في مقدمة (صحيحه)؛ لعل فيها بعض الإبانة عن رتبة هذا الإمام في النقد وعن طريقته فيه:
قال مسلم:
(وحدثني محمد بن عبدالله بن قهزاذ، من أهل مرو، قال: سمعت عبدان بن عثمان يقول: سمعت عبدالله بن المبارك يقول: الإسناد من الدين؛ ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء.
وقال محمد بن عبدالله: حدثني العباس بن أبي رزمة؛ قال: سمعت عبدالله يقول: بيننا وبين القوم القوائم؛ يعني الإسناد.
وقال محمد: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن عيسى الطالقاني؛ قال: قلت لعبدالله بن المبارك: يا أبا عبدالرحمن! الحديث الذي جاء "إن من البر بعد البر، أن تصلي لأبويك مع صلاتك، وتصوم لهما مع صومك" قال: فقال عبدالله: يا أبا إسحاق عمن هذا؟ قال: قلت له: هذا من حديث شهاب بن خراش؛ فقال: ثقة؛ عمن؟ قال: قلت: عن الحجاج بن دينار؛ قال: ثقة؛ عمن؟ قال: قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال: يا أبا إسحاق! إن بين الحجاج بن دينار وبين النبي صلى الله عليه وسلم مفاوز، تنقطع فيها أعناق المطي، ولكن ليس في الصدقة اختلاف.
¥