فأجاب بما يلي:
الخطيب البغدادي - رحمه الله تعالى - من الحفاظ وعلماء الجرح والتعديل، وعليه يدل ما قام به من استخلاص الفوائد والنقاط من علم الجرح والتعديل، وأحوال الرواة، وأسانيدهم، وهو الذي أبدع بإفراد تأليف في كثير من مسائل علوم الحديث، وكان اهتمامه قد انصب نحو ذلك، ومع ذلك قام بنقد أحاديث بعض الكتب لبعض معاصريه، ويعرف ذلك بالتخريجات، والانتخابات، ولم يقتض عمله العلمي عموما أن يخوض في الجرح والتعديل كما خاض القدامى، وعلى كل كلامه في الجرح والتعديل مقبول ومعتمد لا سيما في الرواة المتأخرين. (الله أعلم). انتهى.
هذا؛ ولا أعلم أنه يؤخذ عليه في باب نقد الرواة وأحاديثهم شيء، سوى أمور يسيرة إن شاء الله، ولا يكاد يسلم منها أحد من معاصريه أو ممن جاء بعده، بل وقع في كثير منها كثير ممن تقدمه من النقاد؛ وقد دافع عنه دفاعاً مجيداً العلامة المعلمي في كتابه ذي القدر الجليل (التنكيل)؛ وقد ذكرت في بحثي هذا أهمها ولكنها ذكرت مفرقة.
رابع عشر: التنبيه على طريقته في بعض مصطلحاته: وأخيراً فمما أنبه عليه في ختام هذا المبحث هو تساهل الخطيب في إطلاق التوثيق التام أحياناً على من حقه أن يوصف بأنه صدوق أو بما يقارب ذلك.
نعم، الخطيب أحد النقاد الذين يتساهلون في إطلاق التوثيق على الرواة الذين حقهم أن لا يزاد فيهم على كلمة صدوق؛ ويشبهه في هذا غير واحد من النقاد ممن كانوا قبله أو جاءوا بعده؛ ولقد وجدت الحافظ ابن حجر في كتابه (تقريب التهذيب) ينزل بكثير من الرواة الذين تفرد الخطيب بتوثيقهم أو بإطلاق توثيقهم، أو لم يوثقهم معه إلا بعض المتساهلين في التوثيق نحو ابن حبان، أقول: ينزل بهم إلى مرتبة الـ (صدوق)، ولا يطلق توثيقهم؛ وقد خالفه في ذلك صاحبا (تحرير التقريب)؛ وأنا أرى أن ابن حجر كان أقرب إلى الأصوب.
انظر على سبيل التمثيل والتدليل الرواة المترجمين في (التقريب) و (تحريره) تحت الأرقام التالية؛ انظر تراجمهم في هذين الكتابين، ثم في (تهذيب التهذيب) وفي أصله (تهذيب الكمال) ولا تغفل عن حاشيته؛ فلعلك توافقني بعد ذلك على ميلي إلى ما قاله ابن حجر.
انظر الأرقام (26، 33، 84، 955، 1007، 1230، 1287، 1512، 1756، 1787، 1965، 2553، 4247، 4428، 4724، 4730، 5323، 5449، 5932، 6220، 6313، 7650، 7887).
خامس عشر: تذييل بلطيفة علمية: قال الذهبي في السير (11/ 139 - 140):
(وفي تاريخ محمد بن عبدالملك الهمذاني: توفي الخطيب في كذا ومات هذا العلم بوفاته؛ وقد كان رئيس الرؤساء تقدم إلى الخطباء والوعاظ أن لا يرووا حديثاً حتى يعرضوه عليه فما صححه أوردوه؛ وما رده لم يذكروه؛ وأظهر بعض اليهود كتاباً ادعى أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسقاط الجزية عن أهل خيبر، وفيه شهادة الصحابة، وذكروا أن خط علي رضي الله عنه فيه؛ وحُمل الكتاب إلى رئيس الرؤساء؛ فعرضه على الخطيب، فتأمله وقال: هذا مزور! قيل: من أين قلت؟ قال: فيه شهادة معاوية وهو أسلم عام الفتح، وفتحت خيبر سنة سبع؛ وفيه شهادة سعد بن معاذ، ومات يوم بني قريظة قبل خيبر بسنتين؛ فاستحسن ذلك منه).
*******************
انتهى؛ والحمد لله؛ وصلى الله على النبي الأمين المبين محمد، وعلى آله وأصحابه، أجمعين؛ آمين.
؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛؛
تنبيه: كل قول ذكرته هنا ولم أعزه إلى مصدر، فإنه مما ذكره الذهبي في ترجمة الخطيب من (تذكرة الحفاظ).
ـ[الرايه]ــــــــ[20 - 08 - 07, 11:32 م]ـ
نفع الله بكم وبعلمكم
لعل من المناسب ذكر مصنفات الخطيب - رحمه الله - ولو في الحديث وعلومه.
شكر الله لكم