ثم نقل عن شيخه العتيقي قوله في ابن شاهين: كان صاحب حديث ثقة مأموناً.
وقال الذهبي فيه في (التذكرة) (3/ 987 - 988): (الحافظ الإمام المفيد المكثر محدث العراق---- الواعظ المعروف بابن شاهين صاحب التصانيف).
وقال في ترجمته من (سير أعلام النبلاء) (16/ 431 - 342):
(الشيخ الصدوق الحافظ العالم، شيخ العراق، وصاحب التفسير الكبير----- وتفسيره في نيف وعشرين مجلداً كله بأسانيد----.
وقال الأمير أبو نصر [هو ابن ماكولا]: هو الثقة الأمين، سمع بالشام والعراق وفارس والبصرة، وجمع الأبواب والتراجم وصنف كثيراً.
الخطيب: أنبأنا أبو الحسين محمد بن علي الهاشمي أن ابن شاهين قال لهم: أول ما كتبت سنة ثمان وثلاث مئة؛ وصنف [كذا بصيغة الغَيبة] ثلاث مئة مصنف: أحدها التفسير، ألف جزء). [قلت معنى ذلك أن الألف جزء كانت في نيف وعشرين مجلداً، وبهذا يعلم قدر الجزء على وجه التقريب].
وقال الذهبي في أواخر ترجمته: (وتفسيره موجود بمدينة واسط اليومَ).
وقال هناك أيضاً: ما كان الرجل بالبارع في غوامض الصنعة، ولكنه راوية الاسلام رحمه الله.
قال العتيقي: مات في ذي الحجة سنة خمس وثمانين وثلاث مئة؛ قلت: عاش تسعاً وثمانين سنة، وعاش بعد الدارقطني أياماً يسيرة).
*******
نسب ابن شاهين إلى التساهل في التوثيق مقبل الوادعي في المقترح (ص64) والحويني في غوث المكدود (3/ 284) والدكتور سعدي الهاشمي في مقدمة (نصوص ساقطة من طبعات اسماء الثقات) لابن شاهين.
ومن تساهل ابن شاهين في ثقاته أنه كل من وجد فيه توثيقاً أدخله فيها غير ملتفت إلى أقوال المخالفين ولو كثروا وكثرت، فكأن شرطه جمع ما وقف عليه من التوثيق لا ما وقف على ذكرهم من الثقات فقط؛ وصنيع ابن شاهين هذا يناظر صنيعه في كتابه في الضعفاء المطبوع بإسم (تاريخ أسماء الضعفاء والكذابين) [حققه الدكتور عبد الرحيم القشقري] فإنه ذكر فيه أسماء من وقف فيهم على تجريح، ولو كان حقهم التوثيق، فكأن شرطه فيه جمع ما وقف عليه من التجريح وليس جمع ما وقف عليهم من الضعفاء والكذابين فقط.
ولابن شاهين كتاب ثالث اسمه (ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه) أو قريباً من هذه التسمية، وصف بأنه قيم وأنه اجتهد فيه في الترجيح بين الأقوال المختلفة، وما أراه يستحق هذا الوصف إلا على سبيل التساهل والتوسع في الثناء على كتب القدماء؛ ثم وقفت عليه مطبوعاً بتقديم وتعليق الشيخ عبد الباري بن حماد الأنصاري.
وقد قال محققه في مقدمته (ص16):
(الذي يظهر من نصوص الكتاب أنه مختصر من الأصل، ويدل على ذلك ما تبتدئ به أغلب التراجم من قوله (روى ابن شاهين) ----) إلى آخره.
وقال (ص17): وجدت المختصر يخل بالاختصار في بعض المرات---.
وقال (ص17 - 18): (تتضح أهمية الكتاب من خلال عدة أمور هي:
1 - كون هذا الكتاب أقدم كتاب ألف في الرواة المختلف فيهم، حسب علمي.
2 - وجود نصوص كثيرة في الجرح والتعديل استقاها ابن شاهين من كتب تعد الآن مفقودة، ولا نجد بعض تلك النصوص في المصادر التي بين أيدينا.
3 - وجود كثير من ضوابط الجرح والتعديل القيمة في كلام ابن شاهين عند بيانه للراجح من حال صاحب الترجمة.
4 - ومن أهم تلك الضوابط----) ثم ذكر خمسة عشر ضابطاً.
وقال (ص21): (وأما منهجه من حيث التشدد والتساهل في الحكم على الرجال، فيظهر من أحكامه أنه قد يقع له التساهل في الحكم على بعض الرواة فيحكم بكونهم أقرب إلى التعديل أو الثقة وهم ضعفاء----، كما أنه توقف في الحكم على بعض الرواة الضعفاء الذين حكم أغلب الأئمة بضعفهم----؛ وقد يهم في تراجم بعض الرواة فيظن الرجلين المشتركين في الاسم شخصاً واحداً والحقيقة خلاف ذلك----؛ ومثل هذه الأوهام لا تقلل من قيمة الكتاب----).
ثم ذكر (ص22 - 25) موارد الكتاب.
****
إن أهم ما نخرج به من هذا المبحث هو أن ابن شاهين لا يخلو من الخطأ فيما ينقله عن غيره من أئمة الجرح والتعديل، نعم كل ثقة قد يهم، ولكن أوهام ابن شاهين أكثر من أوهام غيره من الثقات فهو غير متقن؛ وهو لا يراجع ما يكتبه.
أسأل الله السداد والهدى.
ولعل بعض الفضلاء يثري هذه المقالة بتذييل نافع.
ـ[شاكر توفيق العاروري]ــــــــ[03 - 01 - 06, 09:13 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الحبيب محمد حفظه الله.
لقد حاولت مراسلتك لأمر مهم فلم يستقبل بريدك الرسالة هل ممكن تعطيني وسيلة مراسلة لكم.
وجزاكم الله خيرا
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[04 - 01 - 06, 10:54 ص]ـ
أخي الحبيب شاكر:
أسأل الله أن يزيدك فضلاً وتوفيقاً.
لقد أرسلت إليك الآن على بريدك الخاص، فانظره، لعل الرسالة وصلت إليك.
ـ[أبو المقداد]ــــــــ[04 - 01 - 06, 11:42 م]ـ
الشيخ محمد بن خلف، جزاكم الله خيرا على موضوعاتكم الماتعة في مناهج المحدثين التي تدل على سعة اطلاع وشدة بحث، أسأل الله أن ينفع بكم ...
جزء ابن شاهين المذكور طبع بتحقيق الشيخ طارق بن عوض الله، باسم "ذكر من اختلف العلماء ونقاد الحديث فيه فمنهم من وثقه ومنهم من ضعفه، ومن قيل فيه قولان"
وقدم له الشيخ بمقدمة نافعة جدا في اختلاف الأئمة في أحكامهم على الرواة، وعلى موقف المتأخرين من ذلك؛ حيث إن بعضهم جعل الأمر نظريا بحتا فوقع في تخبطات عجيبة ...
قال الشيخ حفظه الله ص9: "ومن له خبرة بكتب ابن شاهين يعلم صحة ما عابوه عليه لما يجد في كتبه من خطأ في النقل أحيانا، أو التخليط بين الراويين المتفقين في الاسم، ونحو ذلك مما يعتري المكثر، لاسيما إذا لم يعارض ما كتبه على الأصول كابن شاهين - رحمه الله تعالى - ... إلخ.
¥