تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قد أعجبني في الموضوع كل تدخلاتكم وأخص بالذكر ما ذكره الإخوة الأفاضل: محمد خلف سلامة و محمد سفر العتيبي و عبدالله آل بوعينين بالرغم من اختلاف الآراء في تدخلاتهم.

لكن ألا ترون أن الموضوع ليس بالهين وأنه يحتاج إلى تفصيل.

إن أحاديث الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - تبلغ عشرات الآلاف إن لم يكن بالمئات التي في بطون كتب السنة من المسانيد والصحاح والسنن وغيرها ولا يحسبن أحد أن معظم هذه الأحاديث قد نقحت وأزيل عنها ما بها من الغبار، ويحضرني في هذا السياق ما قاله محدث عصرنا الألباني رحمه الله حيث قال في ما معناه إنه قضى عمره كله في تنقيح أحاديث السنن المعروفة و لم يستطع في هذه المدة غير القصيرة بتصحيح سوى 5000 إلى 6000 حديث وقال إن هناك عملا كثيرا في هذا المجال ودعا الله تعالى أن ييسر لهذا العمل رجالا يعطون حياتهم لرفع الغبار عن الكثير من الأحاديث. من هنا أردت أن أقول إنه ليس كل حديث نسمعه قد نال حظه من التنقيح والبحث، نعم لقد تحدث علماء الجرح والتعديل على رجال الإسناد وبحثوا عن كل رجل وصنفوا الثقاة منهم والكذابين الوضاعين إلى غير ذلك من المناكير والمجاهيل. لكن هذا لا يعني أن كل أحاديث السنة نقحت ودرست وصححت.

من هنا أسأل وأقول هل أشك في صحة كل حديث أسمعه؟

أرى والله أعلم أنه ينبغي علينا أن نفصل في الأمر وندرجه في حالات مختلفة:

الحالة الأولى: إذا سمع أحدنا حديثا لأول مرة ورأى من ظاهر الحديث ما يدعوه للشك في صحته كأن يتعارض مع أمر محكم من كتاب الله أوسنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أو كأن يجد فيه شيئا غريبا غير معروف ومتداول عند أوساط أهل العلم فهنا يكون الميل إلى الشك في صحته أمرا واجبا وينبغي التحري عند أهل الذكر.

الحالة الثانية: إذا كنت ممن يجالس العلماء و يقرأ أحاديث الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وكنت من طلبة العلم فينبغي عليك إذا سمعت حديثا لأول مرة مما ليس فيه داع إلى الشك (كإيهام التعارض أو غير ذلك) أن تنطلق من صحته وهذا هو الأصل في هذه الحالة إلى أن يتبين لك ضعفه.

الحالة الثالثة: أما العامي فليس له في الأمر شيء إلا أن يتحرى في أخذه العلم عمن شهد له بالعلم والصلاح والورع وأن يأخذ منه مايسمع من الأحاديث وأن يسلم تسليما ولايرد من سمعه ولا يشك فيه إلا إذا لم تتوفر الشروط سابقة الذكر في العالم الذي يأخذمنه. والله أعلى وأعلم وأستغفر الله العظيم.

واقعة في سياق الموضوع:

كنت ذات مرة مستمعا في غرفة نقاش للرد على ضلالات جماعة صوفية في المغرب وسمعت الإخوة يضحكون ويستهزؤون من بعض الرؤى التي يقصها أعضاء هؤلاء الجماعة وكانوا يضحكون من رؤيا حكاها رجل ضال مسكين وهو يقول لقد رأيت أعضاء مجلس إرشاد الجماعة وهم في صورة كتاكيت ودجاجات وتجلى لهم الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ...... إلخ فبدأ الإخوة يضحكون ويهزؤون فتدخلت قائلا: ليس كل شيء محل ضحك و استهزاء أيها الإخوة واحذروا حصائد ألسنتكم فإن رسول الله رأى قبيل غزوة أحد بقرا يذبح وأولها بأصحابه وهذا الحديث وجدته في تفسير الطبري فرد علي أخ من طلبة العلم عندهم قائلا من أين لك هذا الحديث وما مدى صحته ولن نقبله منك ما لم تأتينا بمصدره فقلت يا أخي الحديث معروف وموجود في كتب السيرة ولم يحضرني آنذاك أن الحديث عند البخاري في صحيحه فرددت ولم أتمكن من إقناعهم بحجة أن الأصل في الحديث عند سماعه هو التضعيف ما لم تثبت صحته.

أرأيتم إخواني أنه لو فتح هذا الباب بالتضعيف أولا أننا سنصد عن المنفعة العامة وسنعطل بذلك أحاديث صحيحة في مجالس نصيحة ونحرم الناس بهذه الحجج. ومن منا يحفظ كل حديث يعرفه بسنده ودرجة صحته إلا من رحم الله.

الواحد منا قد يكون داعية أو واعظا ولا يحضره كل شيء (وخلق الإنسان ضعيفا). فهل فهمتم إخوتي مقصدي من السؤال.

من بين ماأعجبني في تدخلات المشايخ هنا:

محمد خلف سلامة: ( ... لعل الأمر يختلف بحسب الرجل الذي يذكر الحديث، ..... فإذا كان ذاكر الحديث - سواء كان مؤلفاً أو خطيباً أو مدرساً أو محاضراً، أو واعظاً، أو غير ذلك - معروفاً بعلمه في الحديث وبتثبته، أو كان أحد كبار علماء أهل السنة، أو لم يكن عالماً كبيراً ولكنه معروف بأنه لا يذكر أو يحتج إلا بحديث ثابت يتابع - أو يقلد - في ثبوته علماء الحديث المعتمدين، فهنا، في كل ما تقدم، يكون الأصل الصحة؛ ومع هذا الأصل يحسن من طالب العلم أن يزيد في التفتيش لأجل التثبت والتحقق.)

عبدالله آل بوعينين: ( ... الأصل في الحديث عند السماع الوقوف دون تصحيح أو تضعيف .. إلا إن جاء معه مايُثبت صحته.)

محمد سفر العتيبي: ( ... الأولوية الأولى الدائمة: توطين النفس والهوى على قبول الحديث إن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم, سواءً كان ذلك الحديث باعث الهاجس صحيحاً أو ضعيفاً ((فأنا لازلت أجهل هذا)) في هذا الحالة أخي صاحب الموضوع: قل في نفسك: إن كان هذا عن رسول الله فأنا مؤمن به, وإن لم يكن فأنا لست مؤمناً به, قبل أن تحرص حتى على التنقيب عن معناه. ((المعتزلة القدماء مما ضيعهم التنقيب قبل التثبت والتحقق))

الحرص على سؤال أهل العلم أو البحث الدؤوب, وستصل للجواب الشافي.)

تحياتي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير