تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

19 ـ باب: ذكر أحاديث أغفل منها زيادات مفسرة أو مكملة أو متممة.

الفصل السادس

تنبيهات في منهجه في النقد ومنزلته بين النقاد، مضافة إلى ما تقدم مما يتعلق بمنهجه، في الفصول السابقة

1 - من أهم ما يبين معالم منهج عبد الحق الاشبيلي في النقد هو مقدمته التي كتبها لـ (الأحكام الوسطى)؛ ثم استقراء كتبه التي له فيها مشاركات في النقد الحديثي.

وأما المقدمة، فلم أقف على كتاب (الأحكام الوسطى)، ولكن وقفت عليها منقولة في مقدمات تحقيق (بيان الوهم والإيهام) (1/ 183 - 190) من قِبل محققه الدكتور الحسين آيت سعيد، فجزاه الله خيراً؛ فليرجع إليها من تيسر له ذلك؛ مع أنني نقلت خلاصتها وأهم ومعظم ما ورد فيها؛ بل لعلي استوعبت نقل كل ما جاء فيها مما هو متعلق بجانب النقد الحديثي عند أبي محمد في كتابه (الأحكام الوسطى).

2 - وأما الاستقراء فمن الممكن الاكتفاء حالياً باستقراء منهجه من خلال (بيان الوهم والإيهام)؛ مع ملاحظة وجوب معرفة منهج ابن القطان في نقده لئلا يعتمد عليه في استكشاف منهج عبدالحق اعتماداً فوق ما ينبغي.

3 - من أهم ما ينبغي معرفته من قبل من أراد معرفة منهج أبي محمد عبدالحق هو أنه ليس مجتهداً في هذا الفن، وإنما هو ناقل ومرتب وملخص، وهو يعتمد على كتب شهيرة متداولة؛ ومن كان كذلك فمعرفة تفاصيل منهجه ليست مهمة جداً، كمعرفة مناهج المجتهدين تضعيفاً وتصحيحاً للأحاديث، وتعديلاً وتجريحاً لرواتها.

ثم إنه قد تعقبه إمام ناقد عبقري هو ابن القطان رحمه الله فلا بد – قبل اعتماد كلام عبد الحق - من الوقوف على كلام ابن القطان في تلك الأحاديث وأولئك الرواة؛ وهذا أيضاً يقلل – قليلاً – من شدة الحاجة إلى معرفة تفاصيل منهج عبد الحق.

4 - لا شك أن هذا الرجل العالم كان على قدر طيب من الاطلاع على علم المصطلح، يدل على ذلك أنه قام باختصار (الكفاية) للخطيب البغدادي؛ واعتبار هذا التمكن: له – بلا شك – معناه في تقييم منهجه في النقد.

5 - يظهر أن مصادره – أو مكتبته – الحديثية لم تكن متكاملة ولا قريبة من الكمال، وإن كان قد وقف على أكثر الأصول وأكثر أمات الكتب الحديثية المتداولة في ذلك العصر؛ وقد بين في مقدمته المشار إليها أنه أن أخذ كثيراً من الكلام في الرواة والأحاديث من (الكامل) لابن عدي، و (الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم، و (السنن) و (العلل) كلاهما للدارقطني.

وحاله في هذا مخالف لحال منتقد كتابه العلامة ابن القطان، فقد وقف على كتب كثيرة لم يتيسر لأكثر معاصريه من المغاربة الوقوف عليها.

6 - لم أر – في الجملة – عند أبي محمد عبدالحق شذوذاً في أصل من أصول هذا الفن، فهو على طريقة جمهور المتوسطين.

7 - لعل ميله الشديد إلى أمور الزهد والاجتهاد في العبادة حال دون رغبته في المبالغة في البحث والتدقيق في مسائل المصطلح وفي أبواب النقد الحديثي؛ وكذلك لم يكن ذا جرأة في باب النقد، وقد قال ابن القطان في بعض المواضع من كتابه: (وهو [يعني عبدالحق] لا يذكر من التعليل إلا ما يجد لغيره كيفما كان).

8 - وقع أبو محمد في هذا الكتاب (الأحكام الوسطى) في قدر من الأخطاء العلمية في التصحيح والتضعيف أو في أصولهما، فاستدرك ذلك عليه ابن القطان، كما هو معروف؛ ولكن لا بد من التذكير بأن تتبع ابن القطان لعبدالحق واستدراكه عليه أموراً غير قليلة، لا يعنيان كثرة أخطاء عبدالحق كثرة فاحشة، أو دالة على قلة بضاعته في علم الحديث، وإنما يعنيان وجود شيء من الأوهام، وشيء من الاختصار الذي ما كان ينبغي أن يقع، وشيء من السكوت على أحاديث التي كان الكلام عليها أولى من السكوت؛ فكثير من تلك المسائل منهجية لا علمية، وبعضها خلافية تختلف بحسب اختلاف أصلها، وإن كان لا بد من تحقيق الحق فيها وترجيح الراجح منها؛ وبعضها علمية ولكنها خفيفة صغيرة، وبعضها أخطاء كبيرة لا يصح السكوت عن التنبيه على مثلها من أوهام العلماء، ولا سيما في الكتب المشهورة المعتمدة، أو المتداولة.

ثم لو قدرنا [أي افترضنا] أن ابن القطان وجد كتاباً آخر من كتب الأحكام، يشبه المحرر لابن عبدالهادي، أو بلوغ المرام لابن حجر، ثم أراد أن يبين وهمه وإيهامه، لوجد من السعة في المقال مثل ما وجد في نقد كتاب (الأحكام الوسطى) لعبدالحق، أو أقل من ذلك بمقدار لا يكون كبيراً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير