تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ميكلوش موراني وإسماعيل بن أبي أويس]

ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[28 - 01 - 06, 05:16 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين، وناصر عباده المؤمنين، والصلاة والسلام على النبي الكريم سيدنا محمد إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيله إلى يوم الدين.

وبعد: فلا زالت السنة النبوية لعظم مكانتها في الشريعة الإسلامية تتعرض للهجمة إثر الهجمة من مخالفيها وناكري حجيتها ... منذ القرن الثاني الهجري إلى ساعتنا هذه التي نحن فيها من القرن الخامس عشر للهجرة النبوية ... وقد تصاعدت وتيرة هذه الهجمة على السنة النبوية خلال القرن الماضي على يدي جماعة من المستشرقين اتخذوا من شعار البحث العلمي، والنقد الموضوعي أداة لهم في ذلك ... فقام جهابذة أهل السنة لصد هذا العدوان المغلف بغلاف العلم والمنهجية الشاملة في نقد النصوص كما يزعمون ...

فمن دراساتهم ما ضمنه إمامهم أجناتس جولدزيهر كتابه الشهير [دراسات محمدية] سنة 1890م، باللغة الألمانية Muhammedanische Studien ذهب فيه إلى التشكيك في صحة الأحاديث النبوية ... والكتاب منذ وضعه مؤلفه - نتيجة لبحوثه المكثفة في دراسة السنة ومصادرها كما يزعم أو يزعم ذلك له غيره - يعد إنجيلا مقدسا لدى جماعة المستشرقين في هذا المجال.

ثم تلاه بعد أكثر من نصف قرن البروفسور جوزيف شاخت فأصدر إنجيله الثاني [أصول التشريع المحمدي] The Origins of Muhammadan Jurisprudence الذي تجاوز فيه ما ذهب إليه سلفه جولدزيهر فادعى – جهلا وظلما – أنه لا يوجد حديث واحد صحيح، وخاصة الأحاديث الفقهية ... وأظهر نظريته حول تطور الأحاديث النبوية ... ودعواه المشهورة حول تطور الأسانيد ...

ثم تعاقب جماعة المستشرقين على دراسة جوانب مختلفة من علوم السنة النبوية شملت متون الأحاديث، وأسانيدها، وتدوين السنة ... قام بها على سبيل المثال كل من: ألفرد غيوم في كتابه [أحاديث الإسلام] وروبسون، وسنوك هرجرونجه، وفنسنك، وشبرنجر ... وهم في معظم ذلك يكررون ما سبقهم إليه جولدزيهر وشاخت ...

وتبع هؤلاء جماعة من بني جلدتنا ممن رضع من لبان المستشرقين، واغتر بنتائج بحوثهم المموهة بالمنهجية العلمية = من أمثال محمود أبي رية في كتابه [أضواء على السنة المحمدية] وأحمد أمين في كتابه [فجر الإسلام] وعلى حسن عبد القادر في كتابه [تاريخ التشريع الإسلامي] ... فالناظر في كتاباتهم يقطع بأنها نقلت نقل مسطرة من بحوث جماعة المستشرقين أؤلئك، بل صرح بعضهم أنه فعل ذلك عمدا حتى تروج تلك الأفكار لدى المسلمين، لأنها إذا نسبت صراحة إليهم كان نصيبها الرفض ... ثم تلاهم في أيامنا المظلمات هذه جماعة من النابتة الجديدة كتبوا رسائل علمية تحت إشراف بعض الدكاترة ممن لف لف أهل الإستشراق ... تحت عدة مسميات مختلفة مثل: السنة بين الأصول والتاريخ ... والحديث النبوي ... وهؤلاء رسائلهم لا زالت طرية لم تشتهر بعدُ ...

وبسبب رد افتراءات هؤلاء وأؤلئك جاءت تلك البحوث الماتعة التي أعلى الله بها منارة حجية السنة من طرف جماعة من علماء الأمة الإسلامية من أمثال الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني في كتابه [الأنوار الكاشفة لما في أضواء على السنة المحمدية من الزلل والتضليل والمجازفة] و مصطفي السباعي في كتابه [السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي] ومحمد عجاج خطيب في كتابه [السنة قبل التدوين] والدكتور مصطفى الأعظمي في رسالته [دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه] والشيخ عبد الغني عبد الخالق في رسالته [حجية السنة] وغير هؤلاء كثير ممن أثرى المكتبة الإسلامية ببحوثه العلمية القوية في الذب عن السنة وأهلها طعن الطاعنين، وسفه الجاهلين.

و ننتظر بالنسبة للإستشراق وأهله – خاصة - حتى الربع الأخير من القرن العشرين ليظهر علينا مستشرق آخر يدعى ينبول G.H.A. Juynboll (http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=39588&highlight=%ED%E4%C8%E6%E1) ببحوثه الذي يتجرأ فيها على إنكار الأحاديث المتواترة ... وهذا ما لم يجرؤ على البوح به كبار أساتذة الإستشراق المتقدمون ...

ثم يفجؤنا في هذه السنين المستشرق الدكتور موراني ... وهو المتخصص في دراسة مصادر الفقه المالكي القديمة بمقالة يزعم فيها أنه قد عثر على وثيقة قديمة تثبت وضع الأحاديث في وقت مبكر بالمدرسة الفقهية المدنية!! وهذه مصيبة لا لعا لها ... وكأني بلسان حال قائلها مترنما بقول المعري:

وإني وإن كنت الأخير زمانُه - - لآت بما لم تستطعه الأوائل

وكنتُ قد وقفت على خلاصة كلامه حول هذا الأمر منذ مدة في كتابه المترجم [دراسات في مصادر الفقه المالكي] ... ثم رأيتُه يثير هذا الأمر ويصر عليه في بعض المنتديات وفي منتدانا المبارك هذا ... وكان الدكتور الفاضل مصطفى الأعظمي – حفظه الله – قد أخرج موطأ الإمام مالك – رحمه الله – محققا في حلة قشيبة ... ومصدرا بدراسة موسعة حول الكتاب ومؤلفه ... فكان من ضمن مباحثه فصلة في مناقشة الدكتور موراني في دعواه تلك ... ولمّا رأيتُ الدكتور موراني متلهفا لمعرفة تفصيل رأي الدكتور الأعظمي أحببتُ أن أنقل له هنا معظم كلامه والمهم منه ... ثم أضيف إليه بعض التوضيحات والإضافات الأخرى مما يفتح الله به عليّ بمنّه وكرمه ... فلا خير إلا خيره ... ولا حول ولا قوة إلا به ...

وهاأنا أشرع في المقصود متوكلا على الملك المعبود جلّ في علاه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير