[فوائد مقتضبة لها صلة بقول شعبة: " كفيتكم تدليس ثلاثة ".]
ـ[العاصمي]ــــــــ[30 - 01 - 06, 02:07 م]ـ
بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه ...
أمّا بعد؛ فقد اشتهر قول الإمام الجهبذ أبي بسطام شعبة بن الحجّاج - عليه رحمات الله تترى -: " كفيتكم تدليس ثلاثة "، وقد غبي وخفي سنده على أكثر طلبة العلم دهرا طويلا، بل لقد رأيت بعض المهنبثين أحالوه وأزالوه عن وضعه، وخلطوا في لفظه ومعناه وسنده؛ مما ليس هذا موضع تقصّيه ...
والمقصود الآن: بيان من أسنده وأخرجه، وذكر بعض ما يتعلّق به ...
- قال الحافظ أبو الفضل بن طاهر القيسرانيّ في كتابه الماتع النفيس " مسألة التسمية " ص47:
" وأخبرنا أحمد بن عليّ الأديب، أخبرنا الحاكم أبو عبد الله - إجازة -، حدّثنا محمّد بن صالح بن هانئ، حدّثنا إبراهيم بن أبي طالب، حدّثنا رجاء الحافظ المروزيّ، حدّثنا النضر بن شميل؛ قال: سمعت شعبة يقول: كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة ".
وكان من أوّل من أشار إلى هذا السند العزيز: الشيخان الفاضلان الكريمان: حاتم الشريف في تعليقه على " أحاديث الشيوخ الثقات " 2/ 575، وخالد الدريس في كتابه " الحديث الحسن " 1/ 330.
- وقد روى الإمام ابن الإمام أبو محمّد بن أبي حاتم في " تقدمة المعرفة " ص169 بسند صحيح عن شعبة؛ قال: " كنت أتتفقّد فم قتادة؛ فإذا قال: " سمعت " و " حدّثنا "؛ تحفّظته، فإذا قال " حدّث فلان "؛ تركته ".
وروى - أيضا - ص170 عن شعبة، قال: " نصصت على قتادة سبعين حديثا، كلّها يقول: " سمعت من أنس " إلاّ أربعة ".
- وهذا أدّى بخرّيجه يحيى القطّان إلى أن يقول: " كلّ شيء يحدّث به شعبة عن رجل؛ فلا تحتاج أن تقول عن ذاك الرجل: إنّه سمع فلانا؟ = قد كفاك أمره ".
رواه ابن أبي حاتم في " تقدمة المعرفة " ص162.
وأخبار شعبة في تتبّع أخبار المدلّسين كثيرة، ليس هذا مقام سردها ... بل لقد حكى أبو حاتم - كما حكاه ابنه عنه في " تقدمة المعرفة " ص170 - عن شعبة أنّه استحلف عبد الله بن دينار: هل سمع حديث النهي عن بيع الولاء وهبته من ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، فحلف له أنّه سمعه منه ...
- لكنّ قصدي الآن: التنبيه على استثناءات نادرة، يجب ألاّ تعزب عن بال البحّاث النجّاث المدقّق ...
- روى ابن أبي حاتم في " تقدمة المعرفة " ص173 عن شعبة، قال: " كلّ شيء حدّثتكم به؛ فذلك الرجل حدّثني به أنّه سمعه من فلان، إلاّ شيئا أبيّنه لكم ".
وممّا بيّنه شعبة، وأدّى فيه النصح:
1 - حديثه عن أبي إسحاق، عن البراء 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: مات رجال من أصحاب النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل أن تحرم الخمر، فلمّا حرمت الخمر، قال رجال: كيف بأصحابنا وقد ماتوا يشربون الخمر؛ فنزلت: {ليس على الذين ءامنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتّقوا وءامنوا وعملوا الصالحات}.
وقد صحّحه أبو عيسى الترمذيّ وغيره، لكنّ أبا يعلى الموصليّ روى عن شعبة قوله: قلت لأبي إسحاق: أسمعته من البراء؟ قال: لا.
2 - حديث شعبة عن أبي إسحاق، عن البراء 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، عن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في حقّ الطريق ...
قال شعبة لأبي إسحاق: سمعته منه؟ قال: لا.
ينظر: مسند أبي داود الطيالسيّ (746) - مع التعليق عليه 2/ 86 - ، وجامع الترمذيّ (2726).
3 - روى ابن أبي حاتم في " تقدمة المعرفة " ص169 - 170 بسند صحيح عن شعبة، قال: " كنت أنظر إلى فم قتادة؛ فإذا قال للحديث: " حدّثنا "؛ عنيت به، فوقفته عليه، وإذا لم يقل: " حدّثنا "؛ لم أعن به [وفي نسخة: لم أعبأ] به، وإنّه حدّثنا عن أنس بن مالك [1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -]، عن النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، قال: " سوّوا صفوفكم؛ فإنّ تسوية الصفّ من تمام الصلاة "؛ فكرهت أن أوقفه عليه؛ فيفسده عليّ ... ".
4 - وينظر مثال رابع في " المعرفة والتاريخ " 2/ 622 - 623 للحافظ أبي يوسف الفارسيّ، مع الموازنة بما في " السنن الكبير " 9/ 553 للبيهقيّ، و " الفصل للوصل، المدرج في النقل " لأبي بكر الخطيب ص892 - 897.
والمقصود من هذا كلّه عدم إطلاق صحّة اتّصال كلّ ما يرويه شعبة عن أبي إسحاق وقتادة ...
والله الموفّق، وهو المستعان.
ـ[محمد خلف سلامة]ــــــــ[30 - 01 - 06, 04:12 م]ـ
"
جزاك الله خيراً.
"
ـ[العاصمي]ــــــــ[30 - 01 - 06, 04:14 م]ـ
وأنت جزاك ربّي أفضل الجزاء وأجزله، أخي الفاضل المفضال.
ـ[محمد بن عبدالله]ــــــــ[30 - 01 - 06, 04:20 م]ـ
بارك الله فيكم، وجزاكم خيرًا، وأحسن إليكم.
ولعل كثيرًا من أمثال هذه الإطلاقات يحتاج إلى تقييد، ومنه الإطلاق بأن فلانًا لا يروي إلا عن ثقة، وقد بيَّن التقييدَ في ذلك الإطلاق = الشيخُ محمد خلف سلامة في هذا الملتقى بما لا مزيد عليه، أحسن الله إليه.
وليُنظر هنا:
هل صح قول شعبة كفيتكم تدليس ثلاثة؟ ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=29623)
¥