حدثني محمد بن يحيى نا حفص بن عمر المهرقانى قال: سمعت عفان يقول: كان شعبة من العباد.
حدثني أبي نا علي بن ميسرة نا يحيى بن أبي الخصيب عن سفيان بن عيينة قال: كتب إليَّ شعبة بن الحجاج: أما بعد فقد ذهب الأسنان والأشكال.
نا محمد بن يحيى أنا مسدد قال سمعت يحيى يعنى بن سعيد يقول: ما رأيت أشكر من شعبة).
وأخرج الخطيب عن أبي سعيد السكري قال: سمعت يحيى بن معين يقول مراراً: شعبة إمام المتقين.
وأخرج الخطيب عن مسلم بن إبراهيم قال: ما دخلت على شعبة في وقت صلاة قط إلا رايته قائماً يصلي.
وأخرج عن عَمْرو بنُ عليّ الفلاس قال: سمِعتُ أبا بحر البَكْراوي يقول: ما رأيتُ أعبدَ للّهِ من شُعبة، لقد عبدَ الله حتى جَفّ جِلْدُه على ظهره ليسَ بينهما لحمٌ.
وأخرج الخطيب عن عبد الرحمن بن مهدي قال: ما رأيتُ أعقلَ من مالك بن أنس، ولا أشدّ تَقَشّفاً من شُعبة، ولا أنصحَ للأُمة من عبد الله بن المبارك.
وقال الذهبي في ترجمة شعبة من (السير): (ابن مهدي: سمعت شعبة يقول: إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة وعن صلة الرحم فهل أنتم منتهون.
قال أبو قطن: سمعت شعبة بن الحجاج يقول: ما شيء أخوف عندي من أن يدخلني النار، من الحديث.
وعنه قال: وددت أني وقاد حمام، وأني لم أعرف الحديث.
قلت: كل من حاقق نفسه في صحة نيته في طلب العلم يخاف من مثل هذا، ويود أن ينجو كفافاً.
قال عفان: كان شعبة من العباد.
قال سعد بن شعبة: أوصى أبي إذا مات أن أغسل كتبه فغسلتها.
قلت: وهذا قد فعله غير واحد، بالغسل، وبالحرق، وبالدفن، خوفاً من أن تقع في يد إنسان واه، يزيد فيها، أو يغيّرها). انتهى كلام الذهبي.
وقال الذهبي في (السير) أيضاً: (قال أبو قَطن: كانت ثياب شعبة كالتراب، وكان كثير الصلاة سخياً).
ومن استزاد في هذا الباب، بل وغيره من أبواب بحثنا هذا، فليرجع إلى ترجمة الإمام شعبة من (حلية الأولياء) (7/ 144 - 209).
&&&&&
(14)
عظم شفقته ورحمته بالضعفة والمساكين
أخرج الخطيب عن يحيى بن سعيد قال: ما رأيت أحداً أشد حباً للمساكين من شعبة؛ وكان يقول: إذا كان في بيتي دقيق وقصب، فلا أبالي ما فاتنى.
وأخرج عن يحيى بن معين قال: قال يحيى بن سعيد: كان شعبة من أرق الناس كان ربما مر به السائل فيدخل في بيته فيعطيه ما أمكنه.
وأخرج عن عباس بن محمد [الدوري] قال: قال يحيى بن معين: كان شعبة رجل صدق، وكان رحيماً.
وأخرج عن النضر بن شميل قال: ما رأيت أرحم بمسكين من شعبة؛ وكان إذا رأى المسكين لا يزال ينظر إليه حتى يغيب عن وجهه.
وأخرج عن مسلم بن إبراهيم قال: كان شعبة إذا قام في مجلسه سائل لا يحدِّث حتى يُعطَى؛ فقام يوماً سائل ثم جلس! فقال: ما شأنه؟ فقالوا: ضمن عبد الرحمن بن مهدي أن يُعطيَه درهماً.
وأخرج عن مسلم بن إبراهيم قال: كان [يعني شعبة] أبا الفقراء وأمهم؛ وسمعته يقول: والله لولا الفقراء ما جلست لكم.
[قلت: يعني أن الفقراء يأتون إلى المجلس فيعطيهم الحاضرون بعض حاجاتهم؛ أو أنه يحدث لأجل الفقراء من الطلبة؛ والأول هو الأقرب].
ثم وجدت هذا المعنى مصرحاً به في الأثرين التاليين:
عن مسلم بن إبراهيم قال: سمعت شعبة يقول: (لولا المساكين ما حدثت؛ فاني أحدث ليعطوا).
وعن عفان قال: (كان شعبة كثيراً ما يقول: لولا حوائج لي ما حدثتكم؛ وكان يسأل لنسوة ضعاف).
أخرجهما أبو نعيم في (الحلية) (7/ 157).
وقال البغوي – فيما نقله عنه الذهبي في (السير): (حدثنا علي بن سهل حدثنا عفان سمعت شعبة يقول: لولا حوائج لنا إليكم، ما جلست لكم؛ قال عفان: كان حوائجه: يسأل لجيرانه الفقراء).
وأخرج عن عمرو بن حَكّام قال: أتى شعبةَ شيخٌ من جيرانه محتاجٌ، فسأله فقال له شعبة: لم سألتنى؟! عندي شيء؟! قال: فذهب الشيخ لينصرف؛ فقال له شعبة: اذهب فخذ حماري فهو لك؛ فقال: لا أريد حمارك؛ قال: اذهب فخذه؛ قال: فذهب فأخذه، فمر به على مجالس أصحابنا بني جَبَلةَ فاشتراه بعضهم بخمسة دراهم فأهداه إلى شعبة.
وأخرج عن حجاج قال: ركب شعبة يوماً حماراً له، فلقيه سليمان بن المغيرة، فشكا له الفقر والحاجة، فقال: والله ما أملك غير هذا الحمار؛ ثم نزل عنه ودفعه إليه.
وأخرج عن يعقوب بن سفيان قال: سمعت سليمان بن حرب يقول: لو نظرت إلى ثياب شعبة لم تكن تسوى عشرة دراهم، إزاره ورداءه وقمصيه؛ وكان شيخاً كثير الصدقة.
¥