تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

• وهذا الحديث الرابع (ص56) هكذا: عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني نافع، أن ابن عباس قال: لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ظل، ولم يقم مع شمس قط إلا غلب ضوؤه [في المطبوع: ضوءه، وهو يعكس المعنى!] ضوء الشمس، ولم يقم مع سراج قط إلا غلب ضوؤه [في المطبوع: ضوءه أيضا!] ضوء السراج.

قلت: هذا المتن ليس له أصل مرفوعاً، وإنما يذكره المتوسعون في كتب السيرة والخصائص المتأخرة التي يجمع مؤلفوها بين الثابت وما لا يثبت والموضوع وما لا أصل له!

وهذا السيوطي على سعة اطلاعه لم يجد له مخرجاً في الخصائص الكبرى (1/ 122 العلمية) سوى أن قال: أخرج الحكيم الترمذي من طريق عبد الرحمن بن قيس الزعفراني، عن عبد الملك بن عبد الله بن الوليد، عن ذكوان، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يرى له ظل في شمس ولا قمر ولا أثر قضاء حاجة.

فهذا غاية ما أُسند في الباب، وهو كعدمه، ففيه على إرساله عبد الرحمن الزعفراني، وقد كذّبه ابن مهدي وأبوزرعة وصالح جزرة، وتركه بقية الحفاظ، وشيخه لم أميّزه، وكذا ذكوان، فضلا عن جهالة الوسائط بين الحكيم الترمذي والزعفراني! بل يكفي أن الحكيم تفرد به ليكون غير ثابت حتى على مذهب السيوطي (كما في خطبة الجامع الكبير)، على تساهله المعروف في التضعيف!

فهذا أعلى ما في الباب، ثم يجيء في آخر الزمان من يضع له هذا الإسناد المرفوع الذي ظاهره السلامة؟!

وإنما قلت: ظاهره السلامة لأنه لم تثبت لنافع مولى ابن عمر رواية عن ابن عباس من وجه صحيح، بل ذلك من جملة التركيبات الإسنادية التي تميز بها مصنف الحميري.

أما الحميري هذا فما صدّق أن صحح إسناد كتابه الموضوع حتى بدأ يرد على (البزل من الرجال) ويفوح من فمه ما لا يُقال، فقال (ص57): "فتضعيف الألباني للرواية ليس بجيد، وتعليل الهراس تعليل ساقط يؤدي بالمرء إلى الكفر والعياذ بالله، عافنا (كذا) الله من سوء السرائر وظلمة الضمائر".

قلت: الذي قد يؤدي بالمرء إلى الكفر هو تعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والإصرار على ترويجه ودسّه بين الناس مع العلم به، عافانا الله من سوء السرائر وظلمة الضمائر!

علماً أن الحميري عزاه لموضع آخر في الخصائص الكبرى حيث لم يُبرز السيوطي إسناد الحكيم الترمذي، ولعل ذاك لئلا تظهر علل الإسناد! وهكذا يكون التدليس!

من التراكيب الأعجمية والمتأخرة، وهي داخلة في اختلاق المتون:

• الحديث رقم (7) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أحسن الناس وجها وأنورهم لوناً.

هذه الصيغة ليست عربية! فاسألوا عنها بريلوية الهند!

• ومثلها الحديث رقم (9) عن سالم بن عبد الله عن أم معبد أنها وصفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: كان أحلى الناس وأجمله من بعيد، وأجهر الناس، وأحسنه من قريب.

علما أن الوضاع لم ينتبه -وكذا من روّج له- إلى أن رواية سالم عن أم معبد تركيب لا يصح، بل لم يدرك سالم أم معبد أصلا.

وحديث أم معبد لا يُروى بهذا الإسناد، ومتن روايته المطولة: "أجمل الناس"، كما يعبّر العرب.

• وفي رقم (10) عن ابن جريج قال: كان البراء يكثر من قول: اللهم صلِّ على محمد وعلى آله بحر أنوارك ومعدن أسرارك!

من الظاهر أن ثقافة الواضع متأثرة بالأحزاب والأوراد الصوفية المتأخرة، فهذا الحديث وما بعده أخذه الواضع من دلائل الخيرات للجزولي، كما سيأتي!

كما أن الصلاة على الآل غريبة عن الصحابة والصدر الأول خارج جلسة التشهد!

• وفي رقم (11): عن الحسن أنه قال: من يُكثر من قول "اللهم صلِّ على من تفتّقت من نوره الأزهار" زاد ماء وجهه!

لا شك أن واضعه الرقيع كان بحاجة إلى زيادة ماء وجهه فاخترع هذا الأثر!

• وفي رقم (12): عبد الرزاق أخبرني ابن عيينة عن مالك أنه كان يقول دائماً: اللهم صل على سيدنا محمد السابق للخلق نوره.

يلاحظ أن الواضع بدأ يندمج أكثر مع ثقافته في الأحزاب والأوراد، وتعبير (يقول دائما) و (سيدنا) غريبان عن الصدر الأول! أما قوله السابق للخلق نوره فهو تأييد للباطل الذي من أجله وُضع الكتاب وأُخرج!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير