محمد عبد السلام خضر في كتابه: «السنن والمبتدعات» (ص 93).
محمد أحمد بن عبد القادر الشنقيطي المدني في رسالة خاصة سمَّاها «تنبيه الحذاق على بطلان ما شاع بين الأنام من حديث النور المنسوب لمصنف عبد الرزاق».
عبد العزيز بن باز في تقديمه لرسالة الشنقيطي المذكورة.
محمد ناصر الدين الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 257 ـ 258 و 820).
عبد الله الهرري الحبشي في الدليل القويم (ص 180) كما في هامش مرشد الحائر (29).
فهؤلاء عشرة من علماء الحديث ـ على اختلاف مشاربهم ـ حكموا بوضعه, فماذا بقي للمتمسكين بروايته؟
لا شك أنهم يحتجون بحجج قد تنطلي على غير أهل الحديث لذا رأيت أن أذكر هنا بعض حججهم وأجيب منها.
فيحتجون بأن عدداً من العلماء الموثوقين ذكروه في كتبهم, كالقسطلاني في المواهب اللدنية (1/ 71) , وتبعه العجلوني في أربعينه (ص31ـ 32) وفي كشف الخفاء (1/ 265_266).
وقد أجاب العلامة اللكنوي عن مثل هذه التساؤلات، فقال في كتابه "عمدة الرعاية" كما في هامش الأجوبة الفاضلة (ص33 ـ 34):
فإن قال قائل: نقْلُ من نقلَ هذه الروايات لجلالة قدرهم ونباهة ذكرهم كاف للاستناد عليه, قلنا: كلا, لا يقبل حديثٌ من غير إسناد ولو نقله معتمدٌ, لاسيما إذا لم يكن الناقل من نقاد الأحاديث, وجلالة قدره لا تستوجب قبول كل ما نقل, ألا ترى إلى صاحب «إحياء علوم الدين» مع جلالة قدره أورد في كتابه أحاديث لا أصل لها, فلم يعتبر بها, كما يظهر من مطالعة تخريجه للعراقي, ولا أقول إنهم نقلوا ذلك مع علمهم بكذب ذلك, بل وقع لهم الاغترار بقول غيرهم, فإنهم لم يسندوها إلى أحد من المحدثين الناقدين, والعبرة في هذا الباب لهم لا لغيرهم» اهـ ملخصاً.
فهذه قاعدة عامة جليلة ينبغي مراعاتها, فالحديث لا يقبل إلا بالإسناد الذي يقبله نقاد الحديث دون غيرهم, فكل علم يؤخذ من أهله.
أما عزو القسطلاني الحديث الذي نحن بصدده إلى عبد الرزاق فهو خطأ, فهذا مصنف عبد الرزاق بين أيدينا, فليخرجوا لنا الحديث منه إن استطاعوا, وقد تبين فيما سبق تزوير هذه القطعة التي اشتملت على هذا الحديث بالأدلة القاطعة.
على أن القسطلاني ـ أول من عزا الحديث إلى عبد الرزاق ـ إنما قال: ((وروى عبد الرزاق))، ولم يقل: الصنعاني، ولم يقل: في المصنف، وإنما فهم الناس أنه الصنعاني باعتبار أن ذلك هو المتبادر إلى الذهن، والاحتمال قائم في أن يكون أراد غيره.
كما أنه من المحتمل أن يكون القسطلاني وجده في بعض كتب المتأخرين مسنداً من طريق عبد الرزاق، وتكون العلة في السند الموصل إليه، أي يكون واضع الحديث متأخراً عن عبد الرزاق، وأسنده من طريقه زوراً وبهتاناً، فلما وقف عليه القسطلاني نقله في المواهب على التسليم والمتابعة، دون تحقيق أو مراجعة، كما هو شأن كثيرٍ من المتأخرين، وهذا منهم توسع غير مرضي في التساهل عند رواية أحاديث الفضائل، فالحفاظ إنما أجازوا في الفضائل رواية ما لم يشتد ضعفه، لا الموضوعات والواهيات وما لا أصل له.
أما احتمال وجود الحديث في بعض نسخ المصنف التي اطلع عليها القسطلاني ولم تصلنا، فهو احتمال مردود، ودعوى لا دليل عليها، لأنه لو وجد في بعض نسخ المصنف، لاطّلع عليه الناس قبل القسطلاني، ولنقلوا الحديث منه استشهاداً به أو استنكاراً له، أما أن يُدَّخرَ هذا الحديث سبعة قرون ولا يعزوه أحد من الحفاظ إلى عبد الرزاق منذ وفاته إلى عصر القسطلاني فهذا ما لا يمكن تصوره.
وأما العجلوني, فهو مقلد للقسطلاني في عزوه إلى عبد الرزاق بدون مراجعة له في مظانه, وما بني على الخطأ فهو خطأ, وقد نص هو في أربعينه (ص32) فقال بعد سياقه للحديث: «كذا في المواهب اللدنية من غير ذكر سند الحديث ومن غير تتمة».
وأما في كشف الخفاء, فقد عزاه إلى عبد الرزاق أيضاً تبعاً للقسطلاني, ولم يتكلم في حكمه قط, وإنما اشتغل بمشكلات متنه, مع العلم أن كشف الخفاء إنما ألف لتخريج الأحاديث المشتهرة على الألسنة وبيان حكمها من صحة أو حسن أو ضعف أو وضع, فسكوته عن حكم الحديث يدل على عدم وجود حجة لديه في إثباته.
فلماذا نتمسك بخطأ القسطلاني وسكوت العجلوني ونترك كل ما سبق ويأتي في بيان بطلان الحديث من النقول الصريحة والحجج الواضحة؟
يحتجون بأن الحديث قد صح عند بعض الصوفية بطريق الكشف فلا ينبغي إنكاره.
¥