تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أتوجه بالشكر لفضيلة الشيخ زياد على توضيحه، وأحب أن أنقل له ما دار بيني وبين الشيخ أديب حول ما كتبته في جوابك لي وقد تضمن ما يلي (ولا ينقضي عجبي من أشخاص الذين لم تهتز لهم شعرة ولم تتحرك غيرة على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يصيبها لكذب، وطفقوا يدفعون عن القائمين بالجريمة بمثل هذه الأمور، لمجرد التعصب الشخصي والعقدي، وكأنهم ما فعلوا شيئا قط!!). انتهى كلامك أخي أبا عمر.

أقول (أنا محمود): لما قرأه الشيخ أديب الكمداني، قال: أرجو الله أن يكون المقصود من هذا غيري، تحسيناً للظن. وإن كان الشيخ زياد يقصدني فوا أسفاه على حالنا، فإننا إذا كنا ما زلنا ننظر إلى بعضنا بهذه النظرة فلن ننهض بالأمة ولا بفكرها ولن نصل إلا إلى مزيد من التخلف والتقاطع والتهاجر والتمزق، فما علاقة الدفاع عن عرض المسلم (مهما كانت عقيدته ومذهبه) بعقيدة المدافع ومذهبه؟! والله إني لأدافع عن المسلم وأحفظ عرضه وأصونه مهما كنت مختلفاً معه في المذهب والعقيدة، ومن جهل الأمثلة عن السلف في ذلك فقد فوّتَ علماً نافعاً غزيراً، ولو أنا كلما اختلفنا في المذهب العقدي أو الفقهي تهاجرنا وسببنا وشتمنا ورمينا بعضنا لما بقي بيننا عصمة ولا أخوة ولا رابطة ولا محبة، ألا يستقيم أن نكون أحبة وإن اختلفنا في مسألة أو مسائل؟ ولكن رحم الله الحافظ الذهبي فقد كان يمدح الحافظ ابن تيمية وينتقده في الأصول والفروع حسبما قال في ذيل تاريخ الإسلام، ثم قال الذهبي فيما معناه: أتعبني فريقان، المحبون لابن تيمية والمبغضون له، فأنا عند من يحبه مقصر، وأنا عند من يبغضه مسرف مكثر. انتهى.

ومع الفارق في التشبيه: حيرني بعض المذهبيين في العقيدة والفروع، (ومنهم محبو الشيخ عيسى) إن انتقدت بعض المذهبيين اتهموني. وحيرني المنكرون على المذهبيين في الفروع والأصول، إن دافعت عن عرضهم اتهموني بالتعصب؟؟!

كذلك أتعبني المحبون للشيخ عيسى على انتقادي وأتبعني مبغضو الشيخ عيسى على تبرئتي له من الوضع!!!

وأنا أعتقد أن كلمة التعصب كلمة تلقى بلا تفكر في معناها، فالتعصب هو إنكار الحق أو الحقيقة بلا دليل، وغالباً ما يكون الإنكار عن عناد. فأين تعصبي المذهبي يا شيخ زياد؟! وماذا تريد مني؟ أن أسب وأشتم في رسالة كان كلامي فيها واضح كالشمس في إنكار المخطوط وكذبه والإصرار على ذلك. فما علاقة المذهبية بموضوع التبرئة وتكذيب المخطوط؟ أم هو الهوس في الإنكار على كل من خالف؟! فكلامي كان منصباً على تبرئة الدكتور عيسى والشيخ ممدوح، وهي براءة والله أعتز بها لأن اتهام المسلم مهما كانت عقيدته أو دينه أو مذهبه: أمر خطير ليس بالسهل، حتى ولو كان فاسقاً، هل يجوز أن أتهم مسلماً بما هو بريء منه؟!! فعصمة الأخوة الإسلامية والرابطة الإيمانية أقوى بألف مرة من الاختلاف في وجهات النظر. وقد كنت قرأت من سنوات بعيدة سير أعلام النبلاء للذهبي ووجدت فيه نفائس له حول اختلاف العلماء مع بعضهم في الأصول والفروع، ومنهم محمد بن نصر وذكر الذهبي بعض آرائه وإنكار بعض العلماء عليه ثم قال الذهبي: ولو أن كلما أخطأ إمام غي اجتهاده خطأ مغفوراً قمنا عليه وبدعناه وهجرناه لما سلم معنا لا ابن نصر ولا ابن مندة ولا من هو أكبر منهما فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة. انتهى. وأذكر أنه قال مثل ذلك في مكان آخر. والمتأمل المخالف لما قاله ابن مندة وابن نصر لوجده عظيماً. ومع هذا قال الذهبي ما قال.

ويتابع الكمداني الكلام فيقول للشيخ زياد: إن كنت قصدني من قولك: (لم تهتز شعرة من جسمي غيرة على سنة النبي صلى الله عليه وسلم) فأنت مخطئ، ومن عرف تاريخي مع السنة وبخاصة أيام كتابي إتحاف البررة، يعلم علم اليقين أن كل ذرة من جمسي كانت تنتفض وتهتز وتفور وتثور غيرة على السنة المطهرة، ودفاعاً عنها، فما أدراك أن شعر جمسي لم يهتز من افتراء الكاذب وواضع المخطوط (المجهول)؟ هل اطلعت على مشاعري ونفسيتي وضميري لتقول هذا الكلام؟ إلى متى ننتهي من الخوض في النوايا التي هي من أعمال القلوب التي لا يطلع عليها إلا الله؟!

وأخيراً أقول للأخ زياد: أنت كنت بغنى عن هذه الحملة القاسية في الحوار العلمي في بيان كذب المخطوط، فإنك بأسلوبك هذا نفرت كثيراً من مريدي الحق والحقيقة، وما كان يضرك لو بينت بالأدلة كذب المخطوط وخطأ الشيخ عيسى بإخراجه ونشره، بأسلوب علمي هادئ، خال من التهجم والسب والشتم والتنقيص والخلط بين المنهج العلمي في النقد وبين العقيدة والمذهب والاتجاه؟ ليس هكذا يا شيخ زياد يُثبت الحق، فالشيخ عيسى مسلم، وفرعون كافر والله قال للنبي موسى وهارون: (قولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى). فلست مطالباً شرعاً بالسب والتنقيص والرمي والتهكم، وإنما مطالب بإظهار العلم والحقيقة بالأدلة العلمية. هذه نصيحتي لك ولنفسي ولجميع من يتصدى للرد وبيان الحق والحقيقة. وأحب أن أنبه على أن مرادي من هذا الكلام هو الملاحظة على الأسلوب، وليس الإنكار على الحوار العلمي، معاذ الله، فإن الردود العلمية والحوارات سنة نبوية وسنة أغلب السلف، وما ثبت عن بعض السلف من أنهم كانوا يردون بقسوة فهم اجتهاد منهم وهم حسب اعتقادي مخطؤون، ورحم الله الإمام الشافعي حيث كان يدعو لمن يحاوره أن يسدد ويوفق ليكون الحق على يدي من يخالفه. والله الموفق والهادي. انتهى كلام الشيخ الكمداني الذي حاورني به في 17 - 4 - 2006م

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير