تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن العجائب أن يحيل الحميري بنفسه لكتاب العقد الثمين للفاسي في باب الثناء على ابن عربي! كيف وترجمة ابن عربي فيه من أهم ما كتبه العلماء في بيان ضلال ابن عربي وزندقته، ولا يستغني عنه الدارس لحاله، وما يوم حليمة بسرّ! فلأهميته أفرده بالطبع فضيلة الشيخ علي بن حسن الحلبي وفقه الله، وذلك في دار ابن الجوزي بالسعودية، وطبع أكثر من مرة، وما أظن الحميري يجهل ذلك!

وأوجّه المخدوع بابن عربي لقراءة الكتاب، وسيجد مسرداً لجماعات من العلماء من شتى المذاهب صرحوا بأن ما في كتب ابن عربي كفر بواح وزندقة، ومنهم من كفّره بعينه وكذّبه.

ومن هؤلاء العلماء الذين ساقهم الفاسي: الحافظ ابن مسدي الأندلسي، والحافظ الذهبي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والقاضي بدر الدين بن جماعة الشافعي، والقاضي سعد الدين الحارثي الحنبلي، والشمس محمد بن يوسف الجزري الشافعي، والقاضي زين الدين الكتاني الشافعي، والشيخ نور الدين البكري الشافعي، والشيخ الشرف عيسى الزواوي المالكي، وشيخ الشافعية السراج البلقيني، والحافظ ابن حجر العسقلاني، والعلامة محمد بن عرفة التونسي، والعلامة ابن خلدون المالكي، والتقي السبكي الشافعي، والحافظ ابن المحب الصامت، والحافظ أبو زرعة العراقي، والحافظ المِزّي، والعلاء القونوي، والإمام الرضي ابن الخياط الشافعي، والشهاب الناشري الشافعي، والحافظ ابن كثير، وشرف الدين إسماعيل بن المقرئ الشافعي.

فهؤلاء أعيان وقتهم في العلم والتحقيق، وكلهم طعنوا في ابن عربي، وهم المذكورون في مصدر واحد فقط، أتيتُ بهم منه لإحالة الحميري عليه كذباً وبهتاناً! وبذلك تتضح كذبته الأخرى بادعاء الإجماع في قوله: [فاعلم أخي القارئ أن الشيخ الأكبر محي الدين رحمه الله أجل من أن يذكر في موطن التجريح أو التعديل لأنه عالي القدر ذائع الصيت بعيد الصوت مجمع على جلالة قدره وعلو كعبه ورسوخ قدمه من أهل التحقيق]!!

وأنا أعلم أن الكلام في ضلال ابن عربي مفروغ منه ومشتهر -خلافاً للحميري الذي يظن أنه يغطي الشمس عن الناس بغربال! - فقد أوسعه العلماء والأئمة نقداً وطعناً، وأفرده بذلك جماعة -كابن تيمية والتقي الفاسي والبرهان البقاعي والسخاوي- والجمهور على التحذير منه، وهم الأكثر عدداً والأجل قدراً والأقوى حجة، ولم يشتهر الغلو في ابن عربي إلا مع انحسار العلم بعد أيام المماليك لما تبنى الأتراك التصوف الغالي وانتشر بحُكمهم، وإلا فالناظر في تراجم ابن حجر والسخاوي يجد أن القلة الذين يعتقدون بابن عربي انتُقدوا وشُنِّع عليهم بهذا، وحتى لو كانوا كثرة فالعبرة بالحق لا بالرجال!

ولكن المقصد هنا إظهار أن الحميري لا يستحي من الكذب المفضوح.

ومثله قوله: [أما عن زعم المعترض بأن حديث جابر مدخول في كتب الشيخ الأكبر مع عدم توثيقه للشيخ محي الدين والطعن في توثيق السادة الغمارية له، فهذا محض افتراء، فقد طفحت كتابات الشيخ الأكبر قُدس سره بحديث جابر وتفسيره له كما في كتاب الوعاء المختوم على السر المكتوم والمملكة الإلهية وكتاب الدوائر، وتلقيح الفهوم وعنقاء مغرب.]

قلت: وهذه كذبة باردة من الحميري! بل هو محض افتراء منه، فلم أقل مطلقاً أن الحديث مدخول على كتب ابن عربي، بل صرَّحتُ أنه في كتبه، وأنه هو منشأ علّته، لا أن غيره ألصقه به وهو بريء! فهذا الحميري إما لا يفهم الكلام العربي، أو يكذب جهاراً نهاراً، أو اجتمع عنده الأمران معاً.

هذا؛ وقد سوَّد هذا الحميري في محاولة الرفع بابن عربي صفحات كثيرة في إغلاقه، كان الأولى أن يصرفها في الرد على الكثير الذي تهرب منه، أو أن يغار على سنّة النبي صلى الله عليه وسلم بمقدار ما غار على ابن عربي إمامه في الضلالة، أو يغار على أئمتنا الصحابة الكرام الذين يطعن فيهم ممدوح أمامه وفي مزرعته بنفس المقدار على الأقل، ولكن الهوى يُعمي ويُصم.

فمما قال الحميري في ذلك: [إن طعن المعترض على توثيق السادة الغمارية لا مسوغ له، فسادتنا الغمارية علماء أفذاذ لا يتحدثون إلا بحجة ودليل، لا أنهم يهرفون بما لا يعرفون كما يعلمه المعترض وغيره].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير