تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا يرد عليه من وجوه، أولها: أن الذي أعلمه ويعلمه الناس أن الغمارية -فضلا عمن هو أجل منهم وأعلم وألزم للسنّة- غير معصومين، وكلٌ يؤخذ من قوله ويُرَدّ، فدعوى الحميري أن عِلْمي فيهم كما ذَكر: كذبٌ معتاد منه.

ثانيا: أنني تعقبت توثيق عبد الله الغماري فقط، وليس كل أشقائه الغمارية، علماً أن تعميم الأحكام والمذاهب على الأشقاء الغماريين غير صحيح -كما بدأ يُشيع ممدوح والحميري- فبين الغماريين من التباين في شتى المسائل (الاعتقادية والفقهية والحديثية والسياسية) شيء عظيم، وبينهم من الردود (القاسية) ما هو مشهور، فادعاء أنهم (مدرسة واحدة) لا يصح أصلا، إلا على هوى فاقدي المرجعية والنسب العلمي من جامعي التناقضات! فكل واحد منهم يناقش كلامُه على حدة، وأرجو أن لا يضطرني الحميري للتوسع أكثر في هذه النقطة!

ثالثا: ما دام الحميري يعتقد أن الغماريين لا يتكلمون بغير حجة فلماذا لم يأخذ حكمهم على حديث النور -عقدة البحث! - بأنه مكذوب لا أصل له عن عبد الرزاق ولا غيره؟ أم أنه لا يأخذ من كلامهم إلا الزلات والسقطات ويترك الحق الذي وافقوا فيه الناس؟

رابعاً: يُتأمل في منع ابن مانع الحميري الباحثين أن يجتهدوا في مسائل الأسانيد بحجة أنه: [قد أغلق بابها لخلو عصرنا من الجهابذة في هذا الفن!!]، بينما يَقبل عقلُه -وهو دكتور الحديث!! - أن يأتي أحد في القرن الخامس عشر ويوثق الرواة -من ثمانية قرون! - من عنده! لا! بل هو يقوم بذلك على جهله، فيقول: [وشرح هذا يطول ويخرجنا عن المقام، وبالجملة فهو عندنا ثقة]! فيُجاب: ومن أنتمُ حتى يكون لكم (عِنْدُ)؟! ورحم الله ابن حجر إذ قال في نزهة النظر (ص192 بتحقيق علي الحلبي): "ولْيَحذر المتكلم في هذا الفن من التساهل في الجرح والتعديل، فإنه إن عدَّل أحداً بغير تثبت كان كالمُثبت حُكماً ليس بثابت، فيُخشى عليه أن يدخل في زُمرة [من روى عني حديثاً وهو يُظن أن كذب] "، وقال (ص190): "ينبغي أن لا يُقبل الجرح والتعديل إلا من عدل متيقظ".

فالحميري -وليس بالعدل ولا المتيقظ- فعل هذا التعديل الباطل، فلا يُقبل منه، مع انتقاض كلامه بما أوردتُه عن ابن عربي من جرح مفسّر ذكره الحفاظ وأثبته التاريخ، وأعيده هنا تذكيراً للقارئ، فقلت: [كذا قال الغماري! ولا أدري من أين جاء بالتوثيق؟! فقد ترك الأئمةُ الرواية عن ابن عربي (كما ذكرتُ في كتابي فتح الجليل ص391)، وثبت أن سلطان العلماء العز ابن عبد السلام كذّبه، كما كذّبه جماعة من العلماء في ادعائه الإذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم في إخراج كتابه (سرد فتاويهم التقي الفاسي)، وثبت كذب ابن عربي في ادعاء الرواية عن بعض شيوخه، مثل أبي الخير الطالقاني، واتُّهم في غيره، كأبي الحسن بن هُذيل، وعبد الحق بن عبدالرحمن الأزدي، والحافظ السِّلَفي، بل أبعد ابن عربي فادعى الإجازة من ابن عساكر -وقد توفي سنة 571 قبل السِّلفي- ومعلوم أن هذا متشدد في الإجازة، ولم نقف من إجازاته إلا على النادر جدا، وغالب مؤلفاته تُروى عنه بالسماع، ولذلك لم يُذكر أنه أجاز أهل عصره، وابن عربي ما رحل من الأندلس للمشرق إلا سنة 598 كما ذكر ابن النجار، فأنّى أخذ منه؟ ولهذا وغيره تُرجم ابن عربي في الميزان، واللسان.

ثم حديث النور هذا لم يُسبق إلى سياقه، وفيه اصطلاحات صوفية كما قال الغماري، فالظاهر أن ابن عربي علّته دون غيره.]

وكيف لا يكذب ابن عربي في الحديث وقد كذب على الله جلَّ وعلا إذ قال: "إن الحق أوقفني على ما سطَّره لي في توقيع ولايتي أمور العالم، حتى أَعْلَمني بأني خاتم الولاية المحمدية بمدينة فاس سنة خمس وتسعين، فلما كانت ليلة الخميس في سنة ثلاثين وستمائة أوقفني الحق على توقيع بورقة بيضاء، فرسمتُه بنصِّه: هذا توقيع إلهي كريم من الرؤوف الرحيم إلى فلان، وقد أجزل له رفده، وما خيَّبْنا قصده، فلينهض إلى ما فُوِّض إليه، ولا تشغله الولاية عن المثول بين أيدينا شهراً بشهر، إلى انقضاء العمر". (انظر تاريخ الإسلام للذهبي وفيات 638 ص377 والعقد الثمين 2/ 189)

وإن شاء المزيد فإن جماعة آخرين نصوا على كذبه، وساقهم شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى (2/ 244 وما بعده)، والتقي الفاسي، والبقاعي، والسخاوي، وغيرهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير