أ (2): في حال كان التعبير في غاية العجمة فتغيّر العبارة دون إشارة حفاظاً على السليقة العربية الأصيلة للقراء، خصوصاً من تُرجم لهم الجزء في باكستان، وهذا ما فعله الحميري عندما حرّف كلمة (عُبِّدَت علينا خمس صلوات) الظاهرة في مخطوطه، إلى: (فصارت علينا)، ولم يُشِر في تحقيقه، ولم يُجب عن هذا في إغلاقه!
فهل هذا المنهج الذي ادعاه؛ والمنهج الواقع الذي كتمه؛ يصدق عليهما قوله: [قمت بالعناية بهذه القطعة حسب أصول التحقيق العلمي التي تعلمتها إبان دراساتي العليا بقسم الحديث بجامعة أم القرى وغيرها]؟ أم أنه كما يقول إخواننا المصريون: استهبال وتهريج؟ لا شك أن الأمر الأول مستبعد!
لذلك قلت له في ردي الأول: ليس هذا عشك فادرجي!
ولكن الحميري يؤكد إعجابه بمنهجه الفريد في تحقيق مخطوطه الوحيد، ويزهو به على الناس، ودليله المفحم هو قوله:
[ولست غرًا في هذا الشأن، بل إن لي فيه صولات وجولات، واشتغلت به زمناً، وتجلى ذلك واضحًا في أعمالي العلمية فقد كانت رسالتي للماجستير ((تحقيق الجزء الخاص بسيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه من كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة للمحب الطبري))، ورسالتي للدكتوراه كانت في تحقيق كتاب ((استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ذوي الشرف)) للحافظ السخاوي، إضافة إلى الكتب والبحوث العلمية المحكمة والمقدم لها من كبار أهل العلم ككتاب ((لباب النقول في طهارة العطور الممزوجة بالكحول)) والذي اعتمد من قبل مجمع الفقه الإسلامي، وكتاب التأمل في حقيقة التوسل، وكتاب العقيدة، والعديد من البحوث والمؤلفات].
فهنا يمدح الحميري نفسه بنفسه، ويبرهن أنه ليس غرًّا في ميدان التحقيق، بأنه صاحب الصولات والجولات فيه، والعمل الطويل منذ زمن، بدليل القائمة الطويلة من الكتب التي حققها منذ غابر الزمان إلى الآن، وهي:
1 - تحقيق كتاب للسخاوي حُقق وطُبع أكثر من مرة، ومن ذلك رسالة جامعية في أم القرى التي دَرَس فيها الحميري!
2 - تحقيق قطعة من أول كتاب المحب الطبري، وهي نحو ثلث الكتاب.
3 - و .. انتهت القائمة! والكتاب والثلث إنما هما لأجل إتمام الشهادة الجامعية الماجستير والدكتوراة.
أما الاستشهاد بخبرته في ميدان التحقيق والمخطوطات بأنه ألّف في الكحول فما أدري ما الرابط بين الأمرين!!
ومثله في البُعد والمفارقة ما يُستحيا من ذكره من تأليفه في التوسل والعقيدة المنحرفة وغيرها، وهي أدلة عليه لا له، وليت الحميري يقنع بالستر في ذلك، فإن جماعته المقربين قبل غيرهم يذكرون من ملابسات تأليف كتبه ما يذكرون!! والحمد لله على السنّة والعافية!
نرجع إلى ما له علاقة بميدان التحقيق من تلكم الشهادة الذاتية (!) بجودة العمل، فأنا لم أطلع من عمليه (في الميدان) إلا على القطعة من الرياض النضرة، ومع كونها رسالة جامعية في تخصص الحديث إلا أن الصنعة الحديثية فيها ضعيفة جداً، ولست أقول ذلك من باب الخصومة معه، حاشا وكلا، ولكن إذا قرأ الحديثيُّ تخريجاته ورأى كيفية مناقشته لها وأحكامه تجلى له ذلك، فهذا حاله في تخصصه (دراسات عليا في الحديث)!
ناهيك عما بيّنتُه في عمليه الأخيرين (الجزء المزعوم، والإغلاق) من تصحيح الموضوعات، وجهل شديد في الحديث وفي الرجال، وكتب السنّة، وغيرها، هذا في تخصصه!
ثم هب أن عمله وتاريخه في الميدان هو الإتقان والعراقة (وليس الأمر كذلك) فنحن نناقش قضية خاصة وهي الجزء المزعوم من المصنف، فيكفي ما فيها من جهل وخيانة في التحقيق والتعليق لإسقاط من قام على ذلك، ناهيك عما جاء في الإغلاق من المخازي العلمية، التي أظهرت علمية الحميري (بعد الخبرة والتاريخ العريق!) بوجهها الحقيقي، وصارت (علة قادحة) تكشف ما سواها مما ظاهره الستر من أعمال المذكور!
* قال الحميري بعد ذكره لمنهجه الفريد في تحقيق درته اليتيمة: [تنزلا لإظهار ما كان الباب محتاجًا إليه كما هو الحال في الحديث الضعيف إذا لم يوجد في الباب غيره وجرى العمل به، دون إلزام الآخر به، مع التحري المستمر لعدم مخالفة مقاصد الشريعة الغراء].
¥