تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت مسبقا إن الغاية تسوغ الوسيلة عند هذا الرجل، فعنده بابٌ في العقيدة -وليس في الأحكام ولا فضائل الأعمال! - ليس فيه من الصريح إلا موضوعات هذا الجزء المكذوب، الملفق من كتب الباطنية والرافضة وغلاة الطرقية، لهذا فيُمكن عند الحميري (صاحب الدراسات العليا في الحديث!) أن يقيس ما سبق من الكذب في الاعتقاد على مذهب مثل الإمام أحمد وتلميذه أبي داود وغيرهما في الاستشهاد بالضعيف الصالح للاعتبار إذا خلا الباب من سواه من الأثر دون القياس، مع نص الإمام أحمد على التشديد في الأحكام والسنن، ولم يدر في خلد هؤلاء الأئمة -جزماً- أن يأتي في آخر الزمان من يحتج (ولا يستشهد فقط) وفي الاعتقاد (لا الأحكام والفضائل) بالموضوعات الصريحة وما لا أصل له (لا الضعيف ضعفا يسيراً!) وفيما لم يجر عليه عمل، بل جرى عليه النكير، وثبتت فيه المخالفة! ثم يأتي ليختم بالتحري المستمر لعدم مخالفة مقاصد الشريعة الغراء؟!

هذا الدعي يردد عبارات وقواعد للعلماء لا يعي مدلولاتها اللفظية ولا تطبيقاتها المستعملة، بل يوردها ويحاول توظيفها معه وهي ضده لو كان يفهم! (ما ليس في الباب غيره .. جرى عليه العمل .. مقاصد الشريعة .. الخ!) فهل مصادمة القرآن الواقع في حديث النور -الذي صحح إسناده- ليس أمراً مصادماً لمقاصد الشريعة الغراء؟!

حقيقة إن الإنسان يعجب من أهل الهوى كالحميري: لماذا يُتعبون أنفسهم بالاستدلال الباطل، والتصحيح والتضعيف بالجهل والهوى، والتلاعب بقواعد العلم وكلام العلماء؟ أما كان أيسر عليهم اعتقاد ما يهوونه دون ما سبق ويرتاحون ويُريحون الأمة من غثائهم ومناقشة سخائف عقولهم؟

وما دام ابن مانع الحميري ما عنده مانع في الكذب -كما رأينا- فكان بإمكانه أن يحسم قضية نسبة الجزء المفقود من المصنف بطريقة تناسبه، ولعلها أجدى وأنفق عند أمثاله الذين كتب لهم الإغلاق، كأن يقول: رأيتُ في المنام أني بصنعاء اليمن، والإمام عبد الرزاق يربّت على كتفي قائلا: لا تهتم يا بنيّ! فأنا أشكرك على اهتمامك بكتابي، إنه من تصنيفي فعلا! صدّقني! وخُذ ورقة بملاحظاتي وجدول الخطأ والصواب لتصحح نسختك من السقوط والأوهام، وجلّ من لا يسهو!

ولا تستغربوا أن يحصل ذلك من الحميري، ألا ترونه قد أورد في مقدمته للرياض النضرة عدة منامات حوله، بعضها يأمره بتحقيق الكتاب! وبعضها يرى فيها المؤلف المحب الطبري، وغير ذلك؟!

وعلى ذكر هذه المقدمة: فمن شاء أن يعتبر فلينظر إلى ما سطره الحميري هنا، وبين ما كُتب في مقدمة تحقيقه للرياض النضرة (ص51) من تسليمه لما انتُقد فيه المحب الطبري من أنه (ربما) أورد الأحاديث الضعيفة في الأحكام (لا العقائد) ولا ينبّه على ضعفها. كذلك ما ورد فيه (ص124): [أما عن كتاب الرياض النضرة فقد تبين لي بعد أن سبرتُ غوره وأحصيت الأحاديث التي فيها خلاف ما قاله بعض العلماء في حقه: من أنه يُكثر من الأحاديث الموضوعة في كتبه، فحاشا إماما بهذا القدر أن يُقدم على مثل ما ينهى عنه]. وفي نفس الصفحة: [أما الاستدلال بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال فأمر مفروغ منه ومعلوم عند جهابذة المحدثين، كالإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وغيره بشروط معلومة].

فهذا موقف الحميري من نفس القضية بين الأمس واليوم، فتأمل!

أما قضية تصحيح الموضوعات كما فعل الحميري فدونكم ما جاء في مقدمة تحقيقه للرياض النضرة (ص125): [أخلص من خلال عملي أن المحب الطبري رحمه الله متساهل في الجرح والتعديل واسع الخطو في الحكم على الأحاديث كالإمام ابن سعد، والحاكم، وابن حبان، ومن سار سيرهم، والله أعلم]! ونقول نحن: ذهب الذين يُعاش في أكنافهم! رحم الله لَبيداً وهؤلاء الأئمة المتساهلين؛ كيف لو أدركوا الحميري هذا؟

* قال الحميري: [أن كلمة (طاؤس) بهمزة على الواو قد وردت في كتاب معرفة علوم الحديث للإمام الحاكم النيسابوري رحمه الله ص (104)، وكذلك وردت في كتاب فتح المغيث للإمام السخاوي (1/ 212). فهل الإمام الحاكم يعترض عليه بمثل ذلك الاعتراض؟ وهل الإمام السخاوي أعجمي كذلك؟! أم أن الذين حققوا الكتابين أعاجم؟!، هذا بهتان عظيم].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير