قلت: هل أنت جادٌّ في اعتراضك يا حميري؟! قل لي بربّك: هل الكتاب المطبوع للحاكم أو السخاوي مصوّر عن خطِّ أحدهما، أم أن أحدهما أو كلاهما قام بتنضيده وصفّه على الحاسب وأشرف على طبعه وتصحيحه؛ حتى تحتج أنه صنيعُه ولا يجوز الاعتراض عليه!! الحمد لله على نعمة السنّة والعقل!
ثم أزيدك من الشعر بيتاً وأتنزل لأجيب على سؤالك قائلا: نعم، إن محققي الكتابين من الأعاجم! فمحقق الطبعة التي أحلت عليها من المعرفة للحاكم هو السيد معظم حسين، والطبعة التي أحلتَ عليها من فتح المغيث هي من تحقيق الشيخ الفاضل علي حسين علي المدرس إلى الآن في الجامعة السلفية بنارس، وكلاهما هندي! ألم أقل لك إنها طريقة الهنود في الكتابة؟
وللمفارقة فانظر إلى الكلمتين كيف وقعتا في الطبعتين المحققتين من العرب، ففي تحقيق أخينا الشيخ أحمد فارس السلوم للمعرفة (ص341)، وفي تحقيق شيخنا العلامة عبد الكريم الخضير لفتح المغيث (1/ 317) وقع رسم الكلمة: طاوس، دون همزة!
وأذكرك قبل الفراغ من هذه النقطة أن رسم المطبوع عندهما ليس من الحاكم ولا السخاوي بالضرورة!
أما كوني قرأتُ الواو في مخطوطك أن عليه همزة فهكذا تظهر في الصورة السيئة التي وضعتَها في مقدمة كتابك، وللقارئ أن يعيد المقارنة ويتأكد، وينظر كيف وضع صورة باهتة وسيئة للمخطوط (الذي بين يديه بألوانه الطبيعية)، ويشاهد وضوح صور المخطوطات الأخرى التي جاء بها للاستدلال على جودة الخط مع أنها ليست عنده! والله أعلم بسبب ذلك! لكن لما اضطر ووضع صوراً ملونة في ذيل إغلاقه ظهرت الضمة فوق الواو لا همزة، وظهر أمر آخر، وهو أن الحبر حديث جداً بشكل فاضح، فعجباً للحميري، يقوم بترقيع أمر فينكشف أمر آخر!
وقال الحميري بعد أن سوّد بحثا ساقطاً من وجوه عن احتمال كون الساقط بين ابن جريج والبراء هو الزهري: [علمًا بأن الزهري قد ولد في سنة (51هـ) وتوفي البراء في سنة (72هـ).
وما أوردت لك ذلك أيها القارئ الكريم إلا ليتضح لديك أن المعترض ليس له مستمسك جلي يعول عليه في سقوط النسخة المعنية حتى يحكم بوضعها، لأن الاحتمال قائم كما بيناه، والوضع يحتاج إلى جزم لا شك فيه، والأمر إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال]
قلت: لأتجاوز عدم ذكر أحد من العلماء لسماع الزهري من البراء، ولكن انظروا كيف يلوك القواعد دون فهم لمواضعها! فقد ختم بحثه الركيك بقاعدة (علّم عليها الحميري بالحمرة!) تنسف عليه تجويزاته لترقيع الإسناد! وتنسف غيرها من الاحتمالات التي اعتمد عليها في إثبات أركان إغلاقه!
* قال الحميري: [أن أول ما جاء في القطعة التي طبعناها هو أثر وليس حديثًا مرفوعًا، كما ادعى المعترض الذي أراه يهوي مع اعتراضاته المتتابعة، فهذه مسألة يعرفها المبتدئ عوضًا عن الناقد!]
قلت: هكذا يقول الحميري دكتور الحديث! فلا هو فهم المسألة من بدايتها، ولا بعد قولي في ردي الأول: [لم تأت النسبة مرفوعة صراحة في الكتاب، لكنها مرفوعة حُكْماً، لذكر النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الأربعة فيها].
ولا حاجة لمزيد تعليق على بقية حماسه المفرط عقب الاعتراض.
*قال الحميري رادًّا على ما أورده من تكذيب ما جاء في مصنفه من قول عبد الرزاق: أخبرني الزهري، وقول ابن جريج: أخبرني البراء بن عازب، وأن كلاهما كذب: [أقول وبالله التوفيق: إن ذلك السقط متوقع إذا كانت النسخة فريدة، فعبد الرزاق يروي بواسطة عن الزهري كما هو معلوم، فيحتمل بلا شك وقوع سقط من الناسخ، والقائل ((أخبرني)) هو شيخ عبد الرزاق الذي سقط من الإسناد وذلك محتمل، ثم إن هذا الحديث يقع تحت شرط الخطة التي أوردتها في المقدمة حيث قلت: (إذا لم أجد الحديث مخرجا قمت بدراسة السند والحكم عليه) ا هـ، وهذا الحديث قد أخرجه العلماء في كتبهم فلم أدرس سنده دراسة تامة بل اكتفيت بالترجمة المبدئية للأعلام فقط لا دراسة الإسناد وتحقيقه.
الإشكال الثاني: قول المعترض أخبرني البراء كذب.
أقول وبالله التوفيق: عطف على بدء في حل الإشكال الأول بأن يقال هنا ما قيل في الإشكال الأول أن النسخة نادرة، فلا شك أن السقط حصل من الكاتب في الواسطة بين ابن جريج والبراء لا محالة، ثم إن هذا الحديث يقع تحت شرط الخطة التي أوردتها في المقدمة ما نصه: (إذا لم أجد الحديث مخرجا قمت بدراسة السند والحكم عليه]
¥