وكذا ما نقله عن المحلى لابن حزم (8/ 10) من رواية عبد الرزاق عن معمر عن سالم وتصحيحه له، فقد ساقه الحميري دون ذكر المتن، لماذا؟ لأنه بالرجوع للمتن، ثم المقارنة بما في مصنف عبد الرزاق (8/ 484) -أصل رواية ابن حزم- نجد أنه سقط في مطبوعة المحلى ذكر الزهري بينهما! فرجع الأمر لما قلته، والحميري إن علم بهذا فهو خائن مرتين: في إثبات الرواية، وفي التعمية بعدم ذكر المتن الذي يكشف الموضوع، وأما إن لم يعلم فهل هكذا يكون التحقيق في إثبات مسألة علمية من دكتور (!) في الحديث؛ فيعتمد في إثبات المسائل على السقوط والتحريفات مع وجود الأصول التي تكشفها بسهولة؟
بقيت سائر التركيبات التي ذكرتُها لم يتعقبها بشيء، وكذا لم يتعقب التركيبات التي ذكرها الشيخ المحدّث عبد الله السعد، ولستُ أشك أنه حاول أن يجد فيها شيئا فلم يُفلح! حتى مع الاعتماد على الأوهام والأخطاء المطبعية، فكان عليه أن يناقش تلك الأمور لو كان منصفاً، وأن يعترف بالحقيقة، ولكن!
فلا يزال باب التركيبات وارداً على نسخته في عدة أمثلة جلية.
*قال الحميري: [اللهم إلا إذا اعْتَبَر أن عملنا هذا سخف وهرج، فلا أقول له إلا قول الله تعالى ردًا على الجاحدين الكافرين الذين تصوروا عبثية الخلق: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ، مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الدخان: 38 - 39]، وقوله سبحانه وتعالى: {هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ ... } [الجاثية: 29]]
فأقول للحميري: نعم إني أقول عن عملك إنه سخف وهرج، وفوق ذلك هو كذب وتدليس قبيح، ولكن لا يحق لك أن تشبه نفسك بالله؛ وتشبّه جزءك المكذوب وكلامك الباطل بكتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ وتشبّه من رد عليك بمن كفر بالخالق! وأعلم أنك ما ذكرت هذه التشبيهات إلا جهلا منك وغفلة مع الاضطرار، ولكن تعلّم وانتبه مرة أخرى!
وليت شعري! لو كان أحدٌ فعل معك مثل ما فعلتَ كيف كانت ردة فعلك وعباراتك؟!
*قال الحميري: [زعم أن كلمة: (الآل) غريبة عن الصحابة والصدر الأول خارج جلسة التشهد.
فجوابه أخي القارئ: أن دعوى المعترض ضرب من الباطل وجهل بين، حين زعم أن الصحابة لم يصلوا على آل النبي خارج الصلاة: فاستمع أخي القارئ لما أخرجه البخاري 3/ 1233: (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: بل فاهديه لي، فقال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف الصلاة عليكم أهل البيت، فإن الله علمنا كيف نسلم، قال: (قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد)، وقد جاء هذا الحديث بعدة روايات في البخاري ومسلم وغيرهما مطلقًا دون تقييد بالصلاة.
فلا أدري من أين استوحى المعترض ذلك الإشكال! فتأمل أخي القارئ.
سيما وأن ابن بشكوال قد ساق في كتاب (القربة إلى رب العالمين بالصلاة على محمد سيد المرسلين) روايات عدة في الصلاة على الآل منها: حديث رقم (12): قالوا يا رسول الله قد علمنا السلام، فكيف الصلاة وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال: ((قولوا اللهم صل على محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد كما باركت على آل إبراهيم)). وحديث رقم (14) قال: ((قولوا اللهم اجعل صلاتك وبركاتك على محمد وآل محمد .... الحديث))، وكلا الحديثين صحيح الإسناد.]
قلت: كدت أقول إن دكتور الحديث (!) لجهله بالسنة لا يدري أن ما نقله عن الصحيحين ورقم (14) من كتاب القربة هو بعض ألفاظ طرق حديث التشهد في الصلاة عن كعب بن عجرة، ثم تبيّن أنه يدري بقوله: [وقد جاء هذا الحديث بعدة روايات في البخاري ومسلم وغيرهما مطلقًا دون تقييد بالصلاة]! فتبيّن أنه أجهل مما توقعت! فهو مع مرور بصره على ما هو حجة عليه لم يستوعبه ولم يفهمه، كما أظهر مجدداً جهله بقواعد العلم، فالحديث الواحد تجمع ألفاظه الثابتة إلى بعض، والمطلق (كما أورد) يرد إلى المقيد، والمجمل يرد إلى المفصل، وحديث كعب مشهور في
¥