تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

4 - عدم وجود الحديث في دواوين السنة المعتمدة عند أهل الحديث، فإذا فُتِّشت ولم يُظفر بالحديث فإنه يُجزم بكذبه؛ لعِلْمنا أن السنّة قد دُوِّنت، فلم يبق منها شيء، كما نقله ابن الصلاح عن البيهقي.

إذا تقرر هذا؛ فهذه العلامات وغيرها مما لم نذكره تدل دلالة واضحة لكل مطّلع -ولو لم يكن من أهل الاختصاص- على أن الجزء المزعوم سَقْطُه من مصنف الإمام عبد الرزاق بن همام الصنعاني موضوعٌ مختَلَق مفترى مصنوع، إضافة إلى أن جميع نسخ المصنف خالية تماماً من هذا الجزء.

وأحسب أن واضعه إما زنديقٌ قصد بذلك إفساد الدين على أهله؛ لما اشتمل عليه من غلو يشبه غلو النصارى بعيسى عليه السلام، وقد حذّر منه النبي صلى الله عليه وسلم أشد التحذير، أو جاهلٌ يريد ترويج منزلة النبي صلى الله عليه وسلم؛ مع أنه غني عن ذلك بما ثبت له من رفيع المنزلة وعلو الدرجة وأنه سيد ولد آدم؛ كما أخبر بذلك عن نفسه صلى الله عليه وسلم.

وإذا عُلم هذا فالكذب على النبي صلى الله عليه وسلم هفوة عظيمة، وموبقة شنيعة، كما قال عليه الصلاة والسلام: "من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"، حتى قال بعضهم بكفر متعمد الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، نسأل الله السلامة والعافية، وإن كان جمهور العلماء على أن ذلك من كبائر الذنوب، ولا يكفر مرتكبه بمجرد ذلك.

ويُشارك الواضعَ راوي الحديث الموضوع من غير بيانٍ لوضعه وكذبه، كما جاء في مقدمة مسلم ومسند الإمام أحمد وابن ماجه من حديث سمرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حدَّث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين"، فواضعه يدخل في الحديث الأول، ويدخل في الثاني ناشره ومقرظه ومن يُعين على نشره وترويجه.

وقد اطلعت على ما كتبه أخونا الشيخ محمد زياد بن عمر التكلة -وفقه الله- ردَّا على هذا الجزء المزعوم المفقود فألفيتُه كافياً شافياً، فجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيراً لقاء ما قام به من دفاع عن سنّة النبي صلى الله عليه وسلم، وأكثر من أمثاله ممن يتصدى لبيان كذب الكذابين وإفك المفترين.

وعلى من نشره أو قرظه أو أعان على نشره وترويجه أن يثوب ويرجع عن غيّه إلى رشده، ويتوب إلى الله سبحانه وتعالى قبل أن يندم ولا ساعة مندم.

والله أعلم، وصلى الله وسلَّم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

وكتبه الفقير إلى عفو مولاه

عبد الكريم بن عبد الله الخضير

27/ 11/1427


بيان فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله بن حمود التويجري
رئيس قسم السنة في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
أما بعد:
فقد اطلعت على القطعة المنسوبة لمصنف عبد الرزاق، والتي أخرجها عيسى بن عبد الله الحميري ومحمود سعيد ممدوح، فما ترددت في كونها مكذوبة النسبة إليه، ففي متونها الباطل وما لا أصل له، مما يضاد الكتاب والسنّة، وبعضها منتزع بلا حياء من دلائل الخيرات، فضلا عن التركيب الواضح اللأسانيد.
كما قرأتُ كتابة الأخ الشيخ الفاضل محمد زياد بن عمر التُّكلة -وفقه الله وسدَّده- في تفنيدها، فوجدته قد كفى وشفى وأحسن ما شاء أن يُحسن في بيان كذب هذه القطعة وأنها زور كلها، فجزاه الله خيراً في الذبّ عن سنّة النبي صلى الله عليه وسلم، وأجزل له المثوبة، إذ نصح لله ولرسوله ولعامّة المسلمين، ووفقه وأعانه.
وبهذه المناسبة فإني أحذّر إخواني المسلمين مما يكتبه أو ينشره المبتدعة والضُلّال من أمثال ذينك الرجلين.
كما أذكرهما بحق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأمة الإسلام، فليؤديا إلى كل ذي حقٍّ حقَّه، وليتقيا الله في كل ما يأتيان ويذران، وليستعدّا للنقاش والوقوف بين يدي الله، والحساب على النقير والقطمير، فلعل ذلك يكون سبباً في التوبة إلى الله، وإعلان حقيقة هذه القطعة المزورة، والتحذير منها ومن مزوِّرها، فإن كذباً على النبي صلى الله عليه وسلم ليس كالكذب على غيره، مع أنه لا يفتري الكذب الذين يؤمنون: ?إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله?، «ومن كذب علي متعمداً فليتبوّء مقعده من النار»، كما أن في هذا غشًّا لمن يثق بهما من السذّج، و «من غشّنا فليس منّا».
كما أدعوهما إلى التمسك بالكتاب والسنّة، والعضّ عليهما بالنواجذ، والدعوة إليهما، وليحذرا كل الحذر من البدع والضلالات والدعوة إليها، فإن «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان له من الأوزار مثل أوزار من تبعه، لا ينقص ذلك من وزرهم شيئاً».
وليرعيا النبي صلى الله عليه وسلم في صحابته رضي الله عنهم عموماً: «الله الله في أصحابي»، وفي أهل بيته، والخلفاء الثلاثة خصوصاً، وليتقيا الله فيهم، فإن النيل منهم نيلٌ من الرسول صلى الله عليه وسلم، وليحذرا أن يكونا من معاول الهدم للإسلام بأيدي أعدائه من اليهود والنصارى والرافضة.
وإنني أتأسف لما وصل إليه حال محمود سعيد ممدوح، حيث كنت أعرفه قديماً معرفة جيدة، وذلك عندما كان يُكثر التردد هو والشيخ علي جمعة -مفتي مصر الحالي- على الوالد رحمه الله من نحو سبع وعشرين سنة، وكان عنده اهتمام بالحديث، وعنده وعند الثاني مغالاة في إظهار السنّة والسلفية أمامنا، ثم كان ما كان من تغيّر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ونسأل الله الثبات على دينه.
أسأل الله أن يردهما إلى رشدهما، وأن يحفظ المسلمين من شر كل ذي شر هو آخذ بناصيته، ويرد كيد أعداء الإسلام والمسلمين، كما أسأله سبحانه أن يرزقنا التمسك بالكتاب والسنة، ويرزقنا الإخلاص والمتابعة والثبات حتى الممات، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، وسلَّم تسليماً كثيراً.

وكتب
عبد الله بن حمود بن عبد الله التويجري
1/ 12/1427

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير