تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لإدخال هذا الحديث فيه.

وقد بدؤوا هذا الباب بحديث طويل موقوف على السائب بن يزيد، وفيه خلق شجرة ذات أغصان أربعة، ثم خلق نور محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، ومثله بالطاووس، وسرد كلامًا ركيكًا طويلاً في هذا الأثر الذي لا أصل له، ثم لم يعلق عليه بتخريج ولا مراجع، لأنه موضوع لا أصل له، وإنما ذكروه ليكون كمقدمة بين يدي الحديث المطلوب، ثم ذكر بعده أحاديث وآثارًا موقوفة في صفة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، بعضها صحيح وبعضها ضعيف، وليس فيها ما يتقوى به حقًا حديث جابر الذي هو بيت القصيد، فقد ختم الباب به، وكان هو المقصود، ولما علم أن هناك من رده وكذبه، كتب هذا المحقق قبل البدء في الباب المكذوب نحو خمس عشرة صفحة، كجواب لما فيه، أي في حديث جابر، وما ذكر فيه من ركاكة في الألفاظ، ومبالغات في الأوصاف، وعبارات تمجها الأسماع، وتنفر منها الطباع.

وهكذا بعدما أورد الحديث علق عليه، وذكر الإشكالات التي يمكن أن يعترض بها على جمل الحديث، وتكلف في الجواب عنها ومناقشتها، وما أمكنه من الكلام المتكلف والمتعسف، كرد لتلك الاعتراضات، وختم كتاب الإيمان بهذا الحديث المكذوب، بعد أن ركب له إسنادًا من أصح الأسانيد وأشهرها.

ولا يشك كل ذي عقل سليم وفهم مستقيم أن هذا الباب والأبواب بعده في هذه النشرة مكذوبة مختلقة، لم يوردها عبدالرزاق رحمه الله ولا غيره من العلماء والأئمة، وإنما حملهم على هذا الاختلاق الحرص على إثبات حديث جابر الذي ذكره شيخ الطريقة وهو ابن عربي الاتحادي الضال، ويظهر أنه الذي افتراه وعزاه إلى عبدالرزاق، لعدم شهرة كتبه، وقد علم أن عبدالرزاق تتلمذ عليه الكثير من الأئمة، ورووا عنه الكثير من الأحاديث الموجودة في مصنفه، فالإمام أحمد روى عنه حديثًا عن سفيان بن عيينة عن ابن المنكدر برقم (14123)، وحديثًا برقم (14453) عن ابن جريج عن ابن المنكدر، وغيرهما كثير، ولو كان هذا الحديث موجودًا في مصنفه كما زعم هؤلاء المتصوفة لما خفي على أئمة الحديث، كأهل الصحيحين وأهل السنن وأهل المسانيد وأهل التخاريج والمفسرين وعلماء الحديث، الحريصين على ما ثبت من السنة، وما له صلة بفضل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فقد أخرجوا أحاديث كثيرة، رواها الإمام عبدالرزاق عن شيخه معمر، وأثبتوها في مؤلفاتهم، فكيف أعرضوا عن هذا الحديث، مع أن إسناده أئمة ثقات مشهورون، لهم الروايات المتكررة في كتب الحديث.

وكل ذلك مما يؤكد أنه مختلق مكذوب، تجرأ هذا المتصوف وادعى العثور عليه على نسخة لا يعرف موضعها ولا مصدرها، خفيت على المحققين والمحدثين طوال هذه القرون، وتجرأ هذا الدعي على الحديث، واتفق مع أهل نحلته فوضعوها، وتناسوا قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: "من كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار".

وقد انتبه لهذه الأكذوبة الشيخ/ محمد زياد بن عمر التكلة وفقه الله تعالى، فتتبع تلك الأكاذيب، وأوضح أنها مكذوبة مختلقة، وأورد من الأدلة والقرائن ما يتجلى معه أن تلك الآثار والأحاديث لا أصل لها من رواية عبدالرزاق في مقدمة مصنفه، وأنها من وضع أولئك الصوفية الغلاة، ليبرروا موقف إمامهم ابن عربي الاتحادي، ففي أساليبها وركاكة ألفاظها ما يتضح أنها حديثة الوضع والكتابة، لا أنها من نسخ القرن العاشر كما يدعون.

والحمد لله الذي فضح هؤلاء الوضاعين، وكشف سترهم، وتبين براءة الإمام عبدالرزاق من نقل تلك الأحاديث المختلفة ونحوها في مصنفه. والله أعلم. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

قاله

عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

عضو الإفتاء سابقًا

11/ 4/1427هـ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير