تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المقام لكل ذلك فلعلي أذكر شيئاً يسيراً في إبطال الفرية المذكورة في السؤال فأقول:

اتفق علماء الأمة قديماً وحديثاً على أن صحيح الإمام البخاري وصحيح الإمام مسلم هما أصح كتابين بعد كتاب الله عز وجل وأن الأحاديث المسندة المتصلة المذكورة فيهما أحاديث صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال الإمام النووي: [اتفق العلماء رحمهم الله على أن أصح الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان البخاري ومسلم وتلقتهما الأمة بالقبول. وكتاب البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد ومعارف ظاهرة وغامضة. وقد صح أن مسلماً كان ممن يستفيد من البخاري ويعترف بأنه ليس له نظير في علم الحديث] شرح النووي على صحيح مسلم 1/ 24.

وقال الإمام النسائي: [ما في هذه الكتب كلها أجود من كتاب البخاري] المصدر السابق.

وقال ابن الصلاح: [أول من صنف في الصحيح، البخاري أبو عبد الله محمد بن إسماعيل وتلاه أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري ومسلم مع أنه أخذ عن البخاري واستفاد منه فإنه يشارك البخاري في كثير من شيوخه وكتاباهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز] هدي الساري 1/ 12.

وقال الذهبي: [وأما جامع البخاري الصحيح فأجل كتب الإسلام وأفضلها بعد كتاب الله تعالى] الحطة في ذكر الصحاح الستة ص312.

وقال ولي الله الدهلوي: [أما الصحيحان فقد اتفق المحدثون على أن جميع ما فيهما من المتصل المرفوع صحيح بالقطع وأنهما متواتران إلى مصنفيهما وأن كل من يهون أمرهما فهو مبتدع متبع غير سبيل المؤمنين] حجة الله البالغة 1/ 249.

وقال العلامة أحمد محمد شاكر: [الحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين وممن اهتدى بهديهم وتبعهم على بصيرة من الأمر: أن أحاديث الصحيحين صحيحة كلها. ليس في واحد منها مطعن أو ضعف. وإنما انتقد الدارقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث. على معنى أن ما انتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منهما في كتابه. وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيها. فلا يهولنك إرجاف المرجفين. وزعم الزاعمين أن في الصحيحين أحاديث غير صحيحة وتتبع الأحاديث التي تكلموا فيها وانقدها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم واحكم عن بينة. والله الهادي إلى سواء السبيل] الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث ص35.

وقال محدث العصر الشيخ الألباني: [… كيف والصحيحان هما أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى باتفاق علماء المسلمين من المحدثين وغيرهم فقد امتازا على غيرهما من كتب السنة بتفردهما بجمع أصح الأحاديث الصحيحة وطرح الأحاديث الضعيفة والمتون المنكرة على قواعد متينة وشروط دقيقة وقد وفقوا في ذلك توفيقاً بالغاً لم يوفق إليه من بعدهم ممن نحا نحوهم في جمع الصحيح كابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم حتى صار عرفاً عاماً أن الحديث إذا أخرجه الشيخان أو أحدهما فقد جاوز القنطرة ودخل في طريق الصحة والسلامة. ولا ريب في ذلك وأنه هو الأصل عندنا] مقدمته لشرح العقيدة الطحاوية ص14 - 15.

وبعد أن ذكرت هذه الباقة العطرة من أقوال أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين في الثناء على الصحيحين فيجب أن يعلم أن هؤلاء العلماء وغيرهم لم يطلقوا هذه الأحكام على الصحيحين جزافاً وإنما جاءت هذه الأحكام بعد أن درسوا الصحيحين دراسة واعية على بصيرة وهدى. فقد درس آلاف العلماء من الحفاظ وغيرهم أسانيد البخاري ومسلم دراسة مستفيضة فوصلوا إلى ما وصلوا إليه وهو الحق وماذا بعد الحق إلا الضلال. فالأحاديث المرفوعة في الصحيحين أو أحدهما صحيحة بدون أدنى شك. وأما الحديث المتفق عليه فهو ما اتفق البخاري ومسلم على روايته في صحيحيهما والحديث المتفق عليه هو أعلى درجة من درجات الحديث الصحيح.

قال الإمام النووي: [الصحيح أقسام أعلاها ما اتفق عليه البخاري ومسلم ثم ما انفرد به البخاري ثم مسلم ثم على شرطهما ثم على شرط البخاري ثم مسلم ثم صحيح عند غيرهما] تدريب الراوي شرح التقريب 1/ 122 - 123.

وقال الشوكاني: [واعلم أن ما كان من الأحاديث في الصحيحين أو أحدهما جاز الاحتجاج به من دون بحث لأنهما التزما الصحة وتلقت ما فيهما الأمة بالقبول] نيل الأوطار 1/ 22.

وينبغي أن يعلم أن من أهل العلم من انتقد على الصحيحين أو أحدهما أحاديث كالدارقطني وقد فصل الحافظ ابن حجر الكلام على الأحاديث المنتقدة على صحيح البخاري في الفصل الثامن من مقدمته لفتح الباري والمسماة هدي الساري فذكر الأحاديث المنتقدة وأجاب عليها جواباً إجمالياً وجواباً مفصلاً فقال في الأول منهما:

[والجواب عنه على سبيل الإجمال أن نقول لا ريب في تقديم البخاري ثم مسلم على أهل عصرهما ومن بعده من أئمة هذا الفن في معرفة الصحيح والمعلل … فبتقدير توجيه كلام من انتقد عليهما يكون قوله معارضاً لتصحيحهما ولا ريب في تقديمهما في ذلك على غيرهما فيندفع الاعتراض من حيث الجملة] هدي الساري ص506.

ثم ذكر الجواب التفصيلي عن كل حديث انتقد على البخاري.

وخلاصة الأمر أن من طعن في أحاديث البخاري ومسلم فكلامه مردود عليه حيث إن أهل هذا الشأن من الحفاظ وأهل الحديث أجابوا عن ذلك أجوبة قاطعة واضحة. وإن الطعن في البخاري ومسلم ما هو إلا طعن في السنة النبوية ومن يطعن في السنة النبوية يخشى عليه من الزندقة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير