تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقد نسب بعض أهل العلم الى الفقهاء أنهم يتعرفون على صحة الحديث اذا وافقه ظاهر القرآن, قال الزركشي - رحمه الله -: (وقال أبو الحسن بن الحصار الأندلسي () في (تقريب المدارك على موطاء الامام مالك): ان للمحدثين أغراضاً في طريقهم احتاطوا فيها وبالغوا في الاحتياط, ولا يلزم الفقهاء اتباعهم على ذلك, كتعليلهم الحديث المرفوع بأنه روى موقوفاً أو مرسلاً, وكطعنهم في الراوي اذا انفرد بالحديث أو بزيادة فيه أو لمخالفته من هو أعدل منه, أو أحفظ. قال: وقد يعلم الفقيه صحة الحديث بموافقة الأصول, أو آية من كتاب الله تعالى, فيحمله ذلك على قبول الحديث, والعمل به, واعتقاد صحته, واذا لم يكن في سنده كذاب فلا بأس باطلاق القول بصحته اذا وافق كتاب الله تعالىوسائر أصول الشريعة.) ().

وقال عبد الحق الاشبيلي – رحمه الله – في مقدمة (الأحكام الوسطى) (): (أو يكون حديث تعضده آية ظاهرة البيان من كتاب الله عز وجل, فانه وان كان معتلا أكتبه لان معه ما يقويه ويذهب علته.)

ومنهج جمهور المحدثين أنهم لا يجعلون موافقة ظاهر القرآن لحديث ضعيف عاضداً له, يرتقي به لدرجة الحسن لغيره, واعتماد هذا المنهج يقتضي تصحيح الأحدايث الضعيفة التي في أسانيدها الضعفاء و المتروكون لأجل موافقة ظاهر القرآن لها, وهذا الحديث (اذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالايمان) ضعفه الحافظ الذهبي ومغلطاي - رحمهما الله - مع أن ظاهر القرآن يوافقه, وذلك في قوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (18) سورة التوبة.

قال الذهبي عقب تصحيح الحاكم له: (قلت: دراج كثير المناكير) ().

وقال المناوي: (قال مغلطاي في شرح ابن ماجة: حديث ضعيف) () , ولم يقل واحد من هذين الامامين بقبول هذا الحديث للاعتضاد والارتقاء لمرتبة الحسن لأجل موافقة ظاهر القرآن له.

تخريج الحديث:

رواه الترمذي () , وابن ماجة () , والامام أحمد () , وابن عدي () , وابن حبان () , والحاكم () من طريق دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذا رأيتم الرجل يتعاهد المسجد فاشهدوا له بالايمان, فان الله تعالى يقول: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (18) سورة التوبة. واللفظ للترمذي.

قال الترمذي: (هذا حديث حسن غريب).

وقال الحاكم: (هذه ترجمة للمصريين لم يختلفوا في صحتها وصدق رواتها غير أن شيخي الصحيح لم يخرجاه).

قال الذهبي: (دراج كثير المناكير).

وقال السخاوي - رحمه الله -: (صححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم) ().

وفي تصحيح أو تحسينه نظر, لأن في اسناده (دراجاً) , قال الآجري عن أبي داود: (أحاديثه مستقيمة الا ما كان عن أبي الهيثم عن أبي سعيد) (). وحكي ابن عدي عن الامام أحمد أنه قال: (أحدايث دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد فيها ضعف). وأخرج له ابن عدي أحاديث منها حديث أبي سعيد هذا ثم قال: (وعامة هذه الأحدايث التي أمليتها مما لا يتابع دراج عليه). وقال الحافظ بن حجر: (صدوق, في حديثه عن أبي الهيثم ضعيف). وهذا من روايه عن أبي الهيثم.

الحكم على الحديث:

اسناده ضعيف, لأنه من رواية دراج عن أبي الهيثم.

*****************

وأما دعوى تقوية الحديث باستدلال المجتهد به:

فقد قال التهانوي: (المجتهد اذا استدل بحديث كان تصحيحاً له كما في التحرير () لابن الهمام وغيره) ().

كذا قال, والذي عليه المحدثون ودونوه في كتب المصطلح عدم تصحيح الحديث بعمل العالم أو فتياه به, قال ابن الصلاح – رحمه الله -: (وهكذا نقول: ان عمل العالم, أو فتياه على وفق حديث ليس حكماً منه بصحة ذلك الحديث, وكذلك مخالفته للحديث ليست قدحاً منه في صحته ولا في راويه. والله أعلم) ().

وقال النووي – رحمه الله -: (وكذا عمل العالم أو فتياه على وفق حديث رواه ليس حكماً منه بصحته, وكذا مخالفته له ليست قدحاً منه في صحته ولا في راويه) ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير