[جهود مركز جمعة الماجد في خدمة الحديث النبوي]
ـ[أنس صبري]ــــــــ[06 - 03 - 06, 08:14 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أضع لأخوتي هنا بحث ألقيته في ندوة الحديث الشريف وتحديات العصر التي أقيمت في دبي في الفترة الواقعة من 28 - 30/ 3/2005م في كلية الدراسات العربية والإسلامية وقد كان أحد البحوث التي أجيزت وطبع ضمن بحوث الندوة 26 في ثلاث مجلدات عن الكلية وبعد استأذان رئيس الندوة شيخنا الدكتور حمزة المليباري أضع ذلك البحث خدمة لأخواني أهل الحديث للتعرف على ما يحتويه المركز من كنوز دفينة
جهود
مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث
في
خدمة الحديث النبوي
إعداد
الدكتور/ أنس صلاح الدين حسن صبري
قسم المخطوطات – مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي يهيىء دائما أمة من الناس تأخذ على عاتقها أن ترد الخير والحق إلى أهله، بعد أن امتلأت نفوسها بحب العدل والإنسان وببذل الخير مهما كلفها ذلك من تضحيات بالوقت والجهد والراحة والإستجمام والمال، فترى نفسها وتحقق ذاتها عندما تستنشق نسمات الصحوة، التي أخذت تهب بين الفينة والفينة، طارقة أبواب العلم التي أغلقتها حوادث الأيام والدهور، علها تجد من يلبي نداءها، فينضم إلى قافلة المحققين وناشري العلم، التي بدأت طلائع روادها تنطلق بسيرها، حاملة شعاعا، بل بصيصا من شعاع، كان في سالف الأزمان والعهود شعلا تضيء أنحاء المعمورة، تتهافت عليه الأمم الأخرى كما الفراش على الضوء، ولكنها بدلا من أن تتأثر سلبا بحرارته، نجدها تعود متسلحة بقوى فكرية، تنير الدروب المعتمة، وتوقظ النفوس من إغفائها في سراديب الجهل، وتتفاعل معه، كما المواد الكيماوية حين يخلط العالم بعض موادها ببعض، منتجة مادة جديدة تفيد البشرية، واضعا لبنة جديدة في بناء صرح الحضارة العالمية.
كذلك كانت أمتنا يوم كان العالم يدين لها بالطاعة، وينظر إلى ما كانت تقدمه إليه نظرة الظامىء الذي أدركه العطش وهو سائر في صحراء الحياة، فيقع على منهل عذب قراح يمده بعناصر وجوده.
لقد قدمت أمتنا على مائدتها لكل المدعوين الجادين، والعلماء العاملين، من كل الأمم التي كان لها اتصال بها، من كل أصناف العلوم المختلفة، التي كانت معروفة
آنذاك، فاكلوا وشبعوا حتى اتخموا، وتفاعل ما أخذوه مع ما يملكون من تراث فكري، مكونا فكرا جديدا لحياة تزهو بما تهبه للبشرية.
وتخلت أمتنا في غفلة من الزمن، حيث شغلها حب الدنيا، عن العطاء، كما تخلت عن الأخذ، وتراجعت قهرا، وفقدت الكثير من تراثها الذي خطه علماؤها، والنساخ من أبنائها، وتناهبته الأمم، وكأنه حق فينا قول رسولنا الكريم: " تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها" ()، واحتضنته مكتبات العالم كما الأم تحضن وليدها، وصارت كل مكتبة تعتز بموجوداتها من المخطوطات العربية، في العلوم المختلفة وتضن بها على أصحابها الأصليين بل تخفيها عن ناظريهم، وأصبحت تعده من تراثها هي، وتنسبه لنفسها.
فقدت أمتنا أهم ذخائرها من التراث المخطوط وسُلبته كما الطفل يسلب، فيتبناه السالب، وتراثنا المخطوط والمسلوب تعج به المكتبات العامة والخاصة في بقاع الأرض من مشرقها ومغربها، وعندما يذهب أهله ليروه، يُحجب عنهم، ويمنعون من تكحيل أعينهم بمشاهدته إلا بشق الأنفس، وبالتضحية بالمال الكثير، يدفعه من يستطيع لمن لا يستحق.
تلك مشكلتنا مع تراثنا. حتى قيض الله لهذا التراث رجلا يرى سعادته ترفرف عليه ظلالها حين يتمكن من تصوير نسخة من هذا المخطوط أو ذاك، من مكتبة مشيدة في جادة مهجورة، أو مجهولة، أو لا يمكن الوصول إليها إلا بشق الأنفس.
أخذ هذا الرجل عهدا على نفسه أن ييسر السبل أمام الباحثين اللاهثين وراء نسخة مخطوطة، يرغبون في أن تأخذ سبيلها إلى الحياة، فتخرج من رحم المجهول، فترى النور، وتنطلق أنوارها بعد ذلك، جالية عقولا غطاها غبار الجهل، وربط عليها الجوع والعطش إلى العلم بعقاله المعقود بعقد لا يتمكن من حلها إلا من هداه الله، أو كتب له الخروج من المتاهة التي أفقدته بصره وبصيرته.
¥