تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[10 - 04 - 06, 08:20 ص]ـ

مَغْلُولَةٌ} ثم نراهم بعد ذلك يقولون كما ذكر القرآن على لسانهم: {نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤهُ}.

فلا يمنع بعد ذلك أن يكونوا متناقضين أيضاً من حيث الأنبياء يؤذونهم ويُكذِّبونهم، بل يقتلونهم أيضا ثمَّ يبنون عليهم البِيَع والمساجد، لمحاولة تخفيف ما ارتكبوه وهم يظنُّون أنَّهم يفعلون خيراً. وهم يفعلون الشَّرَّ بعينهِ. ولا يمنع كذلك أن يكون اليهود على أكثر من رأيٍ؛ قسمٌ منهم يرى إيذاء الأنبياء وقتلهم، وقسمٌ آخر يرى المبالغة بتعظيمهم والابتداع لهم ببناء المساجد وغيرها عليهم بعد أن يُقتلوا. فبان بهذا أنَّ كلَّ ما ذكره الشَّيخ لا يصلح أن يكون حجَّةً بنفسه يُعارض أحاديث صحيحة صريحة متواترة.

وهذا الصَّنيع من الشَّيخ لم يأت عبثاً، إنَّما لتأييد مذهب يتبنَّاه، بل يعتنقه هو وبعض أفراد عائلته، من جواز بناء المساجد والقِباب على القُبور خلافاً للسُّنَّة المتواترة، وانتصاراً لمذهب بعض الصُّوفيَّة، فعمله هذا جاء تتميما لعمل أخيه الأكبر أحمد بن الصِّدِّيق الذي تكفَّل بالجانب الفقهي من المسألة في كتابه " إحياء المقبور" (1)، وخصَّص قسماً كبيرًا من الكتاب لأدلة بناء المساجد على القُبور فما أتى بشيءٍ مقبول، وأقوى ما تمسَّك به هو قول الله - تعالى: {وَكَذَلِكَ أعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَأنَّ السَّاعَةّ لا رَيْبَ فِيْهَا إذ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أمْرَهُمْ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانَاً رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الّذِيْنَ غَلَبُوا عَلَى أمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدَاً} (2).

فقال (3): " الّذين غلبوا على أمرهم هم المؤمنون على الصَّحيح، لأنَّ المسجد إنَّما يبينه المؤمنون، وأمَّا الكافرون فقالوا ابنوا عليهم بنياناً، والدَّليل من هذه الآيه إقرار الله تعالى إيَّاهم على ما قالوا وعدم ردِّه عليهم، فإنَّ الله-تعال -إذا حكى في كتابه عن قومٍ ما لا يرضاه ذكر ما يدلُّ على فساده، ويُنبِّه على بطلانه إمَّا قبله وإمَّا بعده ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــ

(1) إحياء المقبور من أدلة استحباب بناء المساجد والقباب على القبور، مطبعة دار التأليف - مصر سنة 1368 هـ/ وأنظر: عبد الله الغماري - إتقان الصنعه في تحقيق معنى البدعه - عالم الكتب - بيروت ط الثانيه 1406 هـ / 1986 م.

(2) سورة الكهف: 21.

(3) إحياء المقبور.

ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[10 - 04 - 06, 08:21 ص]ـ

وفي هذا نظرٌ إذ قال ابن كثيرٍ (4):" حكى ابن جرير في القاتلين ذلك قولين:

أحدهما: أنَّهم المسلمون منهم، والثَّاني أهل الشِّرك منهم،فالله أعلم

والظَّاهر أنَّ الذين قالوا ذلك هم أصحاب الكلمة والنُّفوذ، ولكن هل هم محمودون أم لا؟ فيه نظر؛لأنَّ النبي-صلى الله عليه وسلم-قال"لعن الله اليهود اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد

أمَّا عن تصحيح الضَّعيف فما كنت لأتشاغل به في مقامي هذا لولا أنَّ هذا التَّصحيح كان بهدف معارضة هذا الحديث المُصحَّح مع أحاديث أخرى صحيحةٍ ثابتةٍ، للعمل على الجمع بينها لا التَّرجيح كما هو حال الحديثين من حيث تقديم الصَّحيح على الضَّعف، بل الأنكى من ذلك أن ينتهي الشَّيخ إلى ترجيح ما صحَّحه عُنوةً على الصَّحيح أصالةً وهو ما أُنكره عليه، ومثال هذا صنيعه في كتاب " نهاية الآمال" (1) إذ خصَّصه لتصحيح حديث عرض الأعمال، وهذا الحديث رواه ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلّم - أنَّه قال: " حّيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ تُحْدِثُونَ وَيُحْدَثُ لَكُمْ، وَوَفَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيَّ أعْمَالُكُمْ، فَمَا رَأَيْتُ مِنْ خَيْرٍ حَمَدْتُ اللهَ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْ شَرٍّ اسْتَغْفَرْتُ اللهَ لَكُمْ ".

وهذا الحديث أخرجه أبو بكر البَزَّار في " مسنده" (2) وقال: لا نعلمه يُروى عن عبد الله إلاّ بهذا الإسناد.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير