تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[10 - 04 - 06, 08:24 ص]ـ

الأربعين ". حيث جعل الحديث من قبيل الرِّواية بالمعنى احتمالاً (1)، ومعروفٌ أنَّ الاحتمال يسقط عند الاستدلال. وقد استدلَّ على أنَّ الرِّواية بالمعنى من تعدُّد الصِّيغ كما صرَّح بذلك أثناء نقده للكتاب المذكور فقال: " ورُوي عن أبي هُريرة عن النَّبيِّ - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" ضَحِكَ اللهُ مِنْ رَجُلَيْن قَتَلَ أحَدُهُمَا صَاحِبِهُ ثُمَّ دَخَلا الجَنَّة "، والحديث في الصَّحيحين ولفظه في " صحيح البُخاري:" ضَحِكَ اللهُ إلى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أحَدُهُمَا الآخَرَ يَدْخُلانِ الجَنَّة، يُقاتِل هَذَا فِي سَبِيْلِ اللهِ فَيُقْتَلُ ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ عَلَى القَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ " ورواه النَّسائي بلفظ:" إنَّ اللهَ يَعْجَبُ مِنْ رَجُلَيْنِ " فالحديث مرويٌّ بالمعنى!.

فالشَّيخ الغُماري استدلَّ على أنَّ الحديث مرويٌّ بالمعنى لوروده بعدَّة صيغٍ، وهذا استدلالٌ غير موفقٍ، إذ تعدُّد الصِّيغ يعني تعدُّد تلفُّظ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - بهذا الحديث، إذ أنَّه - صلّى الله عليه وسلّم - كان يتحدَّث بالحديثين أكثر من مرَّةٍ، فقد روى أبو داود (2) حديثاً عن عُبيد الله بن زياد أنَّه سأل أبا بُرْزة هل سمع رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يذكر في الحوض شيئاً؟ فقال أبو بُرْزة: نعم،لا مرَّةً ولا ثِنْتين ولا ثلاثاً ولا أربعاً ولا خمساً، فمن كذَّب به فلا سقاه الله منه "، وأخرج ابن أبي عاصم (3) حديثاً عن أبي أُمامة، فقال له رجلٌ: يا أبا أُمامة مِن رأيك أو سمعته من رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم -؟ فقال: إني إذاً لجريءٌ، بل سمعته من رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - غير مرَّةٍ ولا مرَّتين ولا ثلاثةٍ.

وروى المُحامِليُّ (1) حديثاً آخر عن أبي أُمامة أيضاً، فقال أبو غالب [الرَّاوي عن أبي أُمامة]: أنت سمعته من رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أو شيء تقوله برأيك؟

ــــــــــــــــ

(1) قلت: لقد شان المؤلف - رحمه الله- كتابه بما ادَّعاه عليه من ذلك وأكثر منه دون حجَّةٍ أو دليلٍ، وبما ضمَّنه من تأويلاتٍ بعيدةٍ متكلَّفةٍ، وقد زاد المحقِّق شَيْناً على شينٍ بتعليقاته الشَّتائمية الخالية من الأمور العلمية.

(2) السنن،السنة /باب في الحوض: 4/ 238.

(3) السنة: 1/ 34.

(1) الأمالي: 408 تحقيق د. إبراهيم القيسي، المكتبه الإسلامية - عمان - دار ابن القَيِّم - الدمام / السعودية، ط الأولى 1412 هـ / 1991 م.

ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[10 - 04 - 06, 08:26 ص]ـ

قال: لو لم أسمعه من رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إلاّ مرَّةً أو مرَّتين - حتَّى بلغ سبعاً، ما حدَّثت به ".

فمن هذه النُّصوص يتبيَّن لنا أنَّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - لم يكن يتحدَّث بالحديث مرَّةً واحدةً في العُمر، ومن زعم هذا فلا دليل عنده، بل الدَّليل على خلافه كما تشهد له هذه الأحاديث الآنفة الذِّكر، ومن الطَّبِيعيِّ أن لا تكون الصِّيغة موحَّدة، لأنَّ الحديث ليس قُرآناً يجب أن يؤدِّيه الرَّسول - صلّى الله عليه وسلّم - بحروفٍ معيَّنةٍ لا يتجاوزها بنقصٍ أو زيادةٍ، بل هو وحيٌ من الله وإنشاؤه من الرَّسول - صلّى الله عليه وسلّم - وما دام هو القائل للحديث فلا يمنع أن تتغيَّر الصِّيغة إن كانت تؤدِّي نفس المعنى وطبيعة الاُمور تابى علينا أن نجزم باقتصار الرَّسول - صلّى الله عليه وسلّم - على صيغةٍ واحدةٍ عند تكرار التَّلفُّظ بالحديث وهذا يشهد له ما نراه في حياتنا العامَّة إذ أنَّ المرء قد يروي حكايةً عدَّة مرَّاتٍ باختلافٍ في ألفاظها مع المحافظة على جوهرها وفحواها.

إذا عُلم هذا عرفنا أنَّ حُجَّة كلِّ من ادَّعى أنَّ الأحاديث مرويَّةٌ بالمعنى نظراً لاختلاف الصِّيغ فحجَّته داحضةٌ (2).

ومن عجيب أمر الشَّيخ أنَّه حكم على بعض الأحاديث بأنَّها مرويَّةٌ بالمعنى، وأيَّد قول من أسقط الاحتجاج بها نحويّاً ولُغويّاً معتمداً على رأيٍّ مرجوحٍ فقال (3): "وإذا كان أبو حيّان وجماعةٌ منعوا الاستدلال بالحديث في المسائل النَّحويَّة، قالوا: لأنَّ الحديث دخل فيه الرِّواية بالمعنى، فكيف يستجيز المؤلف أن يُثبت صفةً الله - تعالى - بحديث تصرَّف فيه الرُّواة؟ ".

فكما قدَّمت إنَّ هذا الرَّأي من أبي حيَّان وغيره مرجوحٌ، وجمهرة النُّحاة والُّلغويين على خلافه، وقد نقل الدكتور محمد ضاري حمّادي في كتابه القيِّم:" الحديث النَّبوي الشَّريف وأثره في الدِّراسات الُّلغويّة والنَّحويّة" (1) " نُقولاً عن أجيال النَّحْويين والُّلغويين

ــــــــــــــــــــ

(2) ما قدَّمته هنا ينطبق على ما زعمه أبي ريَّة من أنَّ أغلب الأحاديث رُويت بالمعنى والرَّدُّ هنا ردٌّ عليه أيضاً، لئلا اضطر للإعادة.

(3) فتح المعين: 24.

(1) انظر فصل:" الإحتجاج بالحديث خلال العصور": 305 - 371 من الكتاب المذكور، طبع العراق، ط الأولى 1402 هـ/ 1982 م. وانظر كذلك: د. خديجه الحديثي - موقف النُّحاة من الاحتجاج بالحديث الشَّريف: من 191 - 365

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير