تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إلا إن بعض الكاتبين العرب وبعض المستشرقين تأولوا الآية الكريمة: " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم .... " بان المقصود منه ليس الأمية الكتابية ولا العلمية، وإنما يعني الدينية، إي انه لم يكن لهم من قبل القران الكريم كتاب ديني، ومن هنا كانوا أميين دينيا، ولم يكونوا مثل أهل الكتاب من اليهود والنصارى 0

الرد على هذا الرأي:

وحمل هذا الفظ على هذا المعنى من غير قرينة لا مسوغ له , لأنه يقتضي التفريق بين تفسير الأميين وهم العرب جهلة الشريعة , وتفسيرها وصف الرسول من الأمية , بأنه الذي لا يعرف الكتابة والقراءة , ولا داعي لهذا التفريق في المعنى , والأصل فيه عدم معرفة القراءة والكتابة 0

والذي حملهم على هذا التأويل , ما جاء في بعض روايات الطبري في تأويل الآية: " ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني ". (سورة البقرة:78) فزعموا أن الرسول ? كان كاتبا" قارئا , وان وصفه بالأمية كوصف العرب بها لا ينافي معرفة القراءة والكتاب , وهذه الرواية أسندها الطبري في تفسيره فقال: ثنا أبو كريب، ثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله تعالى: " ومنهم أميون " قال: الأميون قوم لم يصدقوا رسولا أرسله الله ولا كتابا انزله الله فكتبوا كتابا بأيديهم ثم قالوا لقوم سفلة جهال هذا من عند الله , وقال: قد اخبر أنهم يكتبون بأيديهم ثم سماهم أميين لجحودهم كتب الله ورسله ".

ثم رده الإمام الطبري بقوله:" وهذا التأويل تأويل على خلاف ما يعرف من كلام العرب المستفيض بينهم، وذلك أن الأمي عند العرب الذي لا يكتب " 0

قال الحافظ ابن كثير: " ثم في صحة هذا عن ابن عباس بهذا الإسناد نظر " 0

قلت: علته بشر بن عمارة الخثعمي الكوفي , قال أبو حاتم: ليس بالقوي في الحديث 0 وقال ابن حبان البستي: شيخ ... كان يخطئ حتى خرج عن حد الاحتجاج به إذا انفرد , ولم يكن يعلم الحديث وصناعته 0 وضعفه الحافظ ابن حجر في التقريب 0

3 - الكتابة في العصر النبوي:

نزل القران الكريم , وفيه آيات كثيرة تبين فضل العلم والعلماء , وكان أول ما نزل من القران الكريم " أقرأ " , وذكرت أدوات العلم , كالقلم , والصحف , والقراطيس , والمداد ونحوها فيه.كما حض رسول الله ? على العلم والتعلم في أحاديث كثيرة جدا" , وما حادثة فداء الأسرى مقابل تعليم صبيان المسلمين القراءة والكتابة عنك ببعيد 0

وكان المسجد هو دار تعليم الصبيان الكتابة والقراءة , وإقراء القران الكريم مما كان هذا سببا" طبيعيا" لازدياد المتعلمين , حتى بلغ كتاب الوحي نحوا من أربعين كاتبا بالإضافة إلى كتاب الرسائل والصدقات والمداينات والمعاملات , ويكتبون باللغات المختلفة 0

ولم يقتصر التعليم على الرجال , بل تعداه إلى الإناث كما في قوله ? لحفصة: " ألا تعلمين هذه – يعني الشفاء بنت عبد الله – رقية النملة كما علمتيها الكتابة؟ ". والنملة: قروح تخرج في الجنبين , وقد تخرج في غير الجنب , ترقى فتذهب بإذن الله تعالى 0

وقد كانت عناية الصحابة بالقران بالغة , حفظ ومذاكرة , وتدوينا" ولم يكن الأمر كذلك مع السنة , التزاما" للتوجيه النبوي , ولا علاقة لندرة وسائل الكتابة , أو ندرة الكتاب , أو سوء الكتابة , بعدم تدوين الحديث , لأنها لو كانت كذلك لأثرت على تدوين القران , بالإضافة الى ما ذكرنا من انشغال الصحابة بحفظ القران لا يتيح له كتابة الحديث مع انه يسمعه من رسول الله ? ويعمل به ولا يجد الحاجة إلى تقييده 0

وبالرغم من ذلك كله , نرى طائفة من الصحابة كتبوا عن رسول الله ? شيئا من حديثه , من ذلك ما كتبه عبد الله بن عمرو بن العاص ت 65 هـ وقد ضمنها الإمام احمد في مسنده , قال ابن الأثير المؤرخ: وهي تضم نحو ألف حديث " 0 ويطلق على هذه الوثيقة اسم " الصحيفة الصادقة " ولها أهمية عظيمة , لأنها وثيقة علمية تاريخية , تثبت كتابة الحديث النبوي الشريف بين يدي رسول الله ? وبإذنه 0

ومن بين الصحف التي كتبت في العهد النبوي " الصحيفة الصحيحة " وهي بتمامها في مسند الإمام احمد , وكثير من أحاديثها في صحيح البخاري في أبواب مختلفة , وعدد أحاديثها 138 حديثا" , قال الحافظ ابن حجر: " فجالس – إي همام – أبا هريرة فسمع منه أحاديث وهي نحو من أربعين ومائة حديث بإسناد واحد " 0

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير