تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(1) انظر الأخلاق النظرية (ص 192 - 194)، وأسس الصحة النفسية (ص 350).

(2) الأبطال (ص 58).

2 - إن القرآن وهو كتاب المسلمين المقدس يقف من الكذب موقفاً شديداً جداً، حيث يجعل من كذب في الدين مستحقاً للإثم المبين المبين قال تعالى {انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا} (50) سورة النساء، وأن الكاذب لا يفلح قال تعالى {وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} (103) سورة المائدة، وأن الكاذب لا يفلح قال تعالى {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ} (69) سورة يونس، وأنه من أظلم الظلم قال تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}

(الأنعام: 144).

والخالق عز وجل هو القائل {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (7) سورة الحشر،، فاتباع السنة من دين الله، فالكذب فيها كذب على الله، فموانع الكذب على الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند المسلمين قوية؛ لأنها تستند إلى نصوص قرآنية كثيرة جداً.

3 - إن الواقع التاريخي للمسلمين في فتوحاتهم ومعاملتهم مع أهل الأديان الأخرى يدل على تحلِّيهم بخصال الصدق والعدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذه الأمور لا تتسق مع أخلاق الكذابين، وفي ذلك يقول الفيلسوف الألماني " كانت ": ((من نسيج الإنسان الفاسد لم يُصنع أي شيء مستقيم أبداً)) (1).

ويقول المستشرق " مونتجمري وات " مستدلاً بالتاريخ الأخلاقي، بوصفه حجة قوية على إخلاص محمد - صلى الله عليه وسلم - وصدقه: ((إن الاعتقاد في إخلاص محمد تسنده حجة قوية، فاستعداده لأن يتحمل الأذى في سبيل معتقداته، والمستوى الأخلاقي الرفيع الذي اتصف به الرجال الذين آمنوا به واتخذوه إماماً، وعظمة المنجزات التي انتهى إليها، كل هذا ينم عن استقامته)) (2).


(1) الأعمال الكاملة لكانت (8/ 23) ط برلين، نقلاً عن كتاب نسيج الإنسان الفاسد (ص 5).
(2) الوحي الإسلامي في العالم الحديث، نقلاً عن مناهج المستشرقين (1/ 210).

فكيف يريدنا " شاخت " أن نصدق أن أولئك العلماء الذين لم يُطعن عليهم في نزاهتهم الدينية، وتقواهم، ووفائهم بالعهود، وصدق تدينهم، كانوا يسكتون على كذب بعضهم البعض، ولماذا لا نجد في كتب الجرح والتعديل أو التاريخ والسير وصفهم لبعضهم البعض بالوضع والكذب، إذا كانت الحال كما يزعم " شاخت "؟
4 - إذا كان المحدثون والفقهاء تعمدوا الوضع والكذب على الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فلماذا إذن اهتموا بنقد الأحاديث؟، ولماذا تعبوا كل هذا التعب في نقد الراوة والتصنيف في علم الجرح والتعديل والعلل، مادام كله كذباً؟!
5 - لو كان الأمر كما يزعم " شاخت " أن علماء المسلمين كانوا إذا احتاجوا في مسألة إلى دليل وضعوا سنداً لأحد آراء الفقهاء، ونسبوه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلماذا لم يضعوا حديثاً بإسناد صحيح في حجية القياس، وهو المصدر الرابع من مصادر التشريع الإسلامي، مع أن الحاجة ماسة لوجود مثل ذلك الحديث بديلاً لحديث معاذ رضي الله (1) عنه الذي ضعفه كثير من المحدثين؟
ولماذا لم يستطع الخليفة المأمون مع كل ما أوتي من قوة ونفوذ وسلطة واسعة أن يأتي بحديث واحد موضوع في مسألة خلق القرآن مع تحدي الإمام أحمد له وللمعتزلة بذلك؟
((إن الحقيقة التي تتحدث عن نفسها هنا هي أنه لم يكن من الممكن أن يوضع حديث على رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويمر من غير ملاحظة العلماء له)) (2).
إن تحيز " شاخت " واستسلامه الكامل للتعصب العنصري ضد المسلمين، أوقعه في مصادمة لأهم أصل من أصول المنهجي العلمي وهو الموضوعية.
المبحث الثاني: الانتقائية في اختيار المصادر

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير