تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والجواب الصحيح عن هذا السؤال: بأنه يكون كذلك إذا كان الشك فيه إفراط وإنكار ونفي من دون بينة أو قرينة مقبولة، ولذا نجد أن أساتذة المنهجية الذين حثوا على الشك المنهجي، قد حذروا منه أيضاً، ومن هؤلاء "لانجلوا" فقد حذر المؤرخين من الإفراط في الشك، ناصحاً لهم بعد أن شدد على أهميته، فقال: ((ينبغي ألا نسيء استعماله، فإن الإفراط في الشك والاتهام في هذه الأمور، يكاد يكون له نفس النتائج الضارة؛ للإفراط في الثقة والاعتقاد)) (3).

ويقول الدكتور علي جواد الطاهر: ((الشك ضروري على أن يكون علمياً، وفي حدود الحقيقة، وأن يقع في السلب والإيجاب، وفيما لنا، وما علينا. أما الشك المرضي أو الشك الذي تدفعك إليه نزوة في مخالفة المألوف ... فهو خارج حدودنا، وليس من وكدنا)) (4).


(1) المعجم الفلسفي (ص 103).
(2) المعجم الأدبي (ص 154).
(3) المدخل إلى الدراسات التاريخية (ص 75).
(4) منهج البحث الأدبي (ص46).

والذي وقع فيه " شاخت " هو أنه رفض القبول ببعض الأمور المتعلقة بالسنة النبوية ورواتها، بناءً على شك لا يستند إلى دليل أو قرينة مقبولة علمياً، ومن صنيعه في ذلك زعمه بأن كافة كتب التراجم التي تبحث في ترجمة موسى بن عقبة غير موثوق بها، والسبب - في نظره - يرجع إلى أنه قد زِيدَ في أسماء شيوخ موسى، وكذلك في أسماء تلامذته بعد أن كثرت الأحاديث الموضوعة وأسانيدها المختلقة، ويحيل " شاخت " القراء إلى أن يقوموا بموازنة بين ترجمة موسى بن عقبة في " طبقات ابن سعد "، و" التاريخ الكبير للبخاري "، وهما من أقدم المصادر، وما كتب عنه في المصادر المتأخرة ليتبين لهم الفرق، إذ المصادر القديمة مقتضبة بعكس المصادر المتأخرة، والخلاصة التي يخرج بها القارئ من كلام " شاخت " أن كتب التراجم كلها ليست جديرة بالثقة (1).
وقد تولى الدكتور الأعظمي (2) تفنيد هذا الرأي بأسلوب علمي رصين، حيث بيَّن أن محاولة زرع الشك في قلوب الباحثين حول قيمة كتب التراجم استناداً إلى التراجم المقتضبة لموسى بن عقبة لا يستند إلى أي دليل علمي؛ لأنه لا أحد من أولئك العلماء زعم أنه سيحاول استقصاء كافة المعلومات عن كل شخص يترجم له.
ثم ساق الأعظمي مثالاً وازن فيه ترجمة شعبة بن الحجاج في ثلاثة مصادر من كتب التراجم هي: " الطبقات " لابن سعد (ت 230 ه)، وكتاب "العلل ومعرفة الرجال" للإمام أحمد (ت 241 ه)، وكتاب "التاريخ الكبير" للبخاري (ت 256 ه).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير